وساط ودير ماسرجسان وشرايط فضج أهل هَذِهِ المدن، وقالوا: قَدْ أومنا عَلَى مدننا وأموالنا فلم يلتفت إِلَى قولهم، قَالَ: وحفر خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ القسري المبارك فقال الفرزدق:
كأنك بالمبارك بعد شهر ... تخوض غموره بقع الكلاب
ثُمَّ قَالَ في شعر له طويل:
أعطى خليفته بقوة خَالِد ... نهرا يفيض له عَلَى الأنهار
أن المبارك كاسمه يسقى به ... حرث السواد وناعم الْجَبَّارِ
وكأن دجلة حين أقبل مدها ... ناب يمد له بحبل قطار
وحدثني مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ الطحان، قَالَ: حدثني مشايخنا أن خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ القسري كتب إِلَى هِشَام بْن عَبْد الملك يستأذنه في عمل قنطرة عَلَى دجلة فكتب إليه هِشَام، لو كان هَذَا ممكنا لسبق إليه الفرس فراجعه فكتب إليه: أن كنت متيقنا أنها تتم فاعملها فعملها وأعظم النفقة عليها فلم يلبث أن قطعها الماء فأغرمه هِشَام ما كان أنفق عليها.
قالوا: وكان النهر المعروف بالبزاق قديمًا وكان يدعى بالنبطية البساق أي الَّذِي يقطع الماء عما يليه ويجره إليه وهو نهر يجتمع إليه فضول مياه آجام السيب وماء من ماء الفرات فقال الناس البزاق، فأما الميمون فأول من حفره وكيل لأم جَعْفَر زبيدة بنت جَعْفَر بْن المَنْصُور يقال له سَعِيد بْن زيد، وكانت فوهته عند قرية تدعى قرية ميمون فحولت في أيام الواثق بالله عَلَى يدي عُمَر بْن فرج الرخجي وسمى الميمون لئلا يسقط عنه ذكر اليمن.
وحدثني مُحَمَّد بْن خَالِد، قَالَ: أمر المهدي أمير الْمُؤْمِنِين بحفر نهر الصلة فحفر وأحيى ما عَلَيْهِ منَ الأرضين وجعلت غلته لصلات أهل الحرمين والنفقة هناك، وكان شرط لمن تألف إليه منَ المزارعين الشرط الَّذِي هم عَلَيْهِ اليوم