سنة سبع وأربعين واستخلف في هَذِهِ الليلة المنتصر بالله فانتقل عنها إِلَى سر من رأى يوم الثلاثاء لعشر خلون من شوال ومات بها.
قَالُوا: كانت عيون الطف مثل عين الصيد، والقطقطانة، والرهيمة، وعين جمل وذواتها للموكلين بالمسالح الَّتِي وراء السواد: وهي عيون خندق سابور الَّذِي حفره بينه وبين العرب الموكلين بمسالح الخندق وغيرهم، وذلك أن سابور أقطعهم أرضها فاعتموها من غير أن يلزمهم لها خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر اللَّه العرب بنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلبت العرب عَلَى طائفة من تلك العيون وبقى في أيدي الأعاجم بعضها، ثُمَّ لما قدم المسلمون الحيرة وهربت الأعاجم بعد أن طمت عامة ما في أيديهم منها وبقي الَّذِي في أيدي العرب فاسلموا عَلَيْهِ وصار ما عمروه منَ الأرضين عشريا، ولما مضى أمر القادسية والمدائن دفع ما جلا عنه أهله من أراضي تلك العيون إِلَى المسلمين فأقطعوه فصارت عشرية أيضا وكذلك مجرى عيون الطف وأرضيها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد وكل صدقتها إِلَى عمال المدينة، فلما ولى إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مصعب السواد للمتوكل عَلَى اللَّه ضمها إِلَى ما في يده فتولى عمالة عشرها وصيرها سوادية وهي عَلَى ذلك إِلَى اليوم، وقد استخرج عيون إسلامية مجرى ما سقت عيونها منَ الأرضين هَذَا المجرى.
وحدثني بعض المشايخ: أن جملا مات عند عين الجمل فنسبت إليه، وقال بعض أهل واسط أن المستخرج لها كان يسمى جملا، قَالُوا: وسميت العين عين الصيد لأن السمك يجتمع فيها.
وأخبرني بعض الكريزين: أن عين الصيد كانت مما طم فبينا رجل منَ المسلمين تحول فيما هناك إذ ساخت قوائم فرسه فيها فنزل عنه فخفر فظهر له الماء فجمع قوما عاونوه عَلَى كشف التراب والطين عنها وتنقيتها حَتَّى