ثلاثون رأسا، وكانت سيسر تدعى سيسر صدخانية أي ثلاثون رأسا ومائة عين وبها عيون كثيرة تكون مائة عين، قَالُوا: ولم تزل سيسر وما والاها مراعي لمواشي الأكراد وغيرهم، وكانت مروج لدواب المهدي أمير الْمُؤْمِنِين وأغنامه، وعليها مولى له يقال له سُلَيْمَان بْن قيراط صاحب صحراء قيراط بمدينة السلام، وشريك معه يقال له سلام الطيفوري، وكان طيفور مولى أَبِي جَعْفَر المَنْصُور وهبه للمهدي، فلما كثر الصعاليك والذعار وانتشروا بالجبل في خلافة المهدي أمير الْمُؤْمِنِين جعلوا هَذِهِ الناحية ملجأ لهم وحوزا فكانوا يقطعون ويأوون إليها ولا يطلبون لأنها حد همذان والدينور وأذربيجان، فكتب سُلَيْمَان بْن قيراط وشريكه إِلَى المهدي بخبرهم وشكيا عرضهم لما في أيديهم منَ الدواب والأغنام، فوجه إليهم جيشا عظيما وكتب إِلَى سُلَيْمَان وسلام يأمرهما ببناء مدينة يأويان إليها وأعوانهما ورعاتهما ويحصنان فيها الدواب والأغنام ممن خافاه عليها، فبنيا مدينة سيسر وحصناها وأسكناها الناس، وضم إليها رستاق ما ينهرج منَ الدينور ورستاق الجوذمة من أذربيجان من كورة برزة ورسطف وخابنجر فكورت بهذه الرساتيق، ووليها عامل مفرد وكان خراجها يؤدي إليه، ثُمَّ أن الصعاليك كثروا في خلافة أمير الْمُؤْمِنِين الرشيد وشعثوا سيسر فأمر بمرمتها وتحصينها ورتب فيها ألف رجل من أصحاب خاقان الخادم السغدي ففيها قوم من أولادهم.
ثُمَّ لما كان في آخر أيام الرشيد وجه مرة بْن أَبِي مرة الرديني العجلي عَلَى سيسر، فحاول عُثْمَان الأودي مغالبته عليها فلم يقدر عَلَى ذلك وغلبه عَلَى ما كان في يده من أذربيجان أو أكثر، ولم يزل مرة بْن الرديني يؤدي الخراج عن سيسر في أيام مُحَمَّد الرشيد عَلَى مقاطعة قاطعه عليها إِلَى أن وقعت الفتنة ثُمَّ إنها أخذت من عاصم بْن مرة فأخرجت من يده في خلافة المأمون