أولا يخرج إِلَى القتال، فشرب المهاجر شربة ماء، وقال: قَدْ أبررت عزمة أميري والله ما شربتها من عطش، ثُمَّ راح في السلاح فقاتل حَتَّى استشهد أخذ أهل مناذر رأسه ونصبوه عَلَى قصرهم بَيْنَ شرفتين، وله يقول القائل:
وفي مناذر لما جاش جمعهم ... راح المهاجر في حل بأجمال
والبيت بيت بني الديان نعرفه ... في آل مذحج مثل الجوهر الغالي
واستخلف أَبُو موسى الأشعري الربيع بْن زياد عَلَى مناذر وسار إِلَى السوس، ففتح الربيع مناذر عنوة، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية وصارت مناذر الكبرى والصغرى في أيدي المسلمين، فولاهما أَبُو موسى عاصم بْن قيس بْن الصلت السلمي، وولى سوق الأهواز سمرة بْن جندب الفزاري حليف الأنصار وقال قوم: أن عُمَر كتب إِلَى أَبِي موسى وهو محاصر مناذر يأمره أن يخلف عليها ويسير إِلَى السوس فخلف الربيع بْن زياد.
حدثني سعدوية، قَالَ: حَدَّثَنَا شريك عن أَبِي إِسْحَاق عَنِ المهلب بْن أَبِي صفرة، قَالَ حاصرنا مناذر فأصبنا سبيا، فكتب عُمَر: أن مناذر كقرية منَ القرى السواد فردوا عليهم ما أصبتم.
قَالُوا. وسار أَبُو موسى إِلَى السوس فقاتل أهلها ثُمَّ حاصرهم حَتَّى نفد ما عندهم منَ الطعام فضرعوا إِلَى الأمان، وسأل مرزبانهم أن يؤمن ثمانون منهم عَلَى أن يفتح باب المدينة ويسلمها فسمى الثمانين وأخرج نفسه منهم فأمر به أَبُو موسى فضربت عنقه ولم يعرض للثمانين، وقتل من سواهم منَ المقاتلة وأخذ الأموال وسبى الذرية، ورأى أَبُو موسى في قلعتهم بيتا وعليه ستر فسأل عنه فقيل أن فيه جثة دانيال النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام وعلى أنبياء اللَّه ورسله، فأنهم كانوا أقحطوا فسألوا أهل بابل دفعه إليهم ليستسقوا به ففعلوا، وكان بختنصر سبى دانيال وأتى به بابل فقبض بها، فكتب أَبُو موسى بذلك إِلَى عُمَر