توج وهي من أرض أردشير خره، ومعنى أردشير خره بهاء أردشير، وفي رواية أَبِي مخنف: أن عثمان بن أبى العاصي نفسه قطع البحر إِلَى فارس فنزل توج ففتحها وبنى بها المساجد وجعلها دارا للمسلمين وأسكنها عَبْد القيس وغيرهم فكان يغير منها عَلَى أرجان وهي متاخمة لها، ثُمَّ أنه شخص عن فارس إِلَى عمان والبحرين لكتاب عُمَر إليه في ذلك واستخلف أخاه الحكم، وقال غير أَبِي مخنف: أن الحكم فتح توج وأنزلها المسلمين من عَبْد القيس وغيرهم سنة تسع عشرة، وقالوا: أن شهرك مرزبان فارس وواليها أعظم ما كان من قدوم العرب فارس واشتد عَلَيْهِ وبلغته نكايتهم وبأسهم وظهورهم عَلَى كل من لقوه من عدوهم فجمع جمعا عظيما وسار بنفسه حَتَّى أتى راشهر من أرض سابور وهي بقرب توج، فخرج إليه الحكم بن أبى العاصي وعلى مقدمته سوار بْن همام العبدي فاقتتلوا قتالا شديدا وكان هناك واد قَدْ وكل به شهرك رجلا من نقابه في جماعة وأمره أن لا يجتازه هارب من أصحابه إلا قتله فأقبل رجل من شجعاء الأساورة موليا منَ المعركة، فأراد الرجل قتله، فقال له: لا تقتلني فإنما نقاتل قوما مَنْصُورين: اللَّه معهم، ووضع حجرا فرماه ففلقه، ثُمَّ قَالَ: أترى هَذَا السهم الَّذِي فلق الحجر والله ما كان ليخدش بعضهم لو رمي به، قَالَ: لا بد من قتلك: فبينا هُوَ في ذلك إذ أتاه الخبر بقتل شهرك وكان الَّذِي قتله سوار ابن همام العبدي حمل عَلَيْهِ فطعنه فأرداه عن فرسه وضربه بسيفه حَتَّى فاضت نفسه وحمل ابن شهرك عَلَى سوار فقتله، وهزم اللَّه المشركين وفتحت راشهر عنوة، وكان يومها في صعوبته وعظيم النعمة عَلَى المسلمين فيه كيوم القادسية وتوجه بالفتح إِلَى عُمَر بْن الخطاب عَمْرو بْن الأهتم التميمي، فقال:
جئت الإمام بإسراع لأخبره ... بالحق من خبر العبدي سوار
أخبار أروع ميمون نقيبته ... مستعمل في سبيل اللَّه مغوار