استعمل ابن عَامِر عَلَى البصرة، فولى عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سمرة سجستان فأتاها وعلى شرطته عباد بْن الحصين الحبطي ومعه منَ الأشراف عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن معمر التيمي، وعبد اللَّه بْن خازم السلمي وقطري بْن الفجاءة، والمهلب بْن أَبِي صفرة فكان يغزو البلد قَدْ كفر أهلها فيفتحه عنوة أو يصالح أهله حَتَّى بلغ كابل، فلما صار إليها نزل بها فحاصر أهلها أشهرا وكان يقاتلهم ويرميهم بالمنجنيق حتى ثلث ثلثة عظيمة، فبات عليها عباد بْن الحصين ليلة يطاعن المشركين حَتَّى أصبح فلم يقدروا عَلَى سدها، وقاتل بْن خازم معه عليها فلما أصبح الكفرة خرجوا يقاتلون المسلمين فضرب بْن خازم فيلا كان معهم فسقط عَلَى الباب الَّذِي خرجوا منه فلم يقدروا غلقه فدخلها المسلمون عنوة، وقال أَبُو مخنف: الَّذِي عقر الفيل المهلب وكان الْحَسَن البصري يقول: ما ظنت أن رجلا يقوم مقام ألف حَتَّى رأيت عباد بْن الحصين.
قَالُوا: ووجه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سمرة ببشارة الفتح عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن معمر والمهلب بْن أَبِي صفرة، ثُمَّ خرج عَبْد الرَّحْمَنِ فقطع وادي نسل، ثُمَّ أتى خواش وقوزان بست ففتحها عنوة، وسار إلى رزان فهرب أهلها غلب عليها، ثُمَّ سار إِلَى خشك فصالحه أهلها، ثُمَّ أتى الرخج فقاتلوه فظفر بهم وفتحها، ثُمَّ سار إِلَى ذابلستان فقاتلوه وقد كانوا نكثوا ففتحها وأصاب سبيا، وأتى كابل وقد نكث أهلها ففتحها، ثُمَّ ولى معاوية عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سمرة سجستان من قبله وبعث إليه بعهده فلم يزل عليها حَتَّى قدم زياد البصرة فأقره أشهرا ثُمَّ ولاها الربيع بْن زياد ومات ابن سمرة بالبصرة سنة خمسين وصلى عليها زياد وهو الَّذِي قَالَ له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا تسأل الأمارة فإنك أوتيتها عن غير مسئلة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسئلة وكلت إليها وإذا حلفت عَلَى يمين فرأيت خيرا منها فأت الَّذِي هُوَ خير وكفر عن يمينك» وكان عبد الرحمن قدم بغلمان من سبي كابل فعملوا له مسجدا في قصره بالبصرة عَلَى بناء كابل.