فلما خاف أهل المدينة أن يفتح القصر عنوة ويقتل من فيه طلبوا الصلح فصالحهم عَلَى سبعمائة ألف درهم وعلى أن يعطوه رهنا من أبناء عظمائهم، وعلى أن يدخل المدينة ومن شاء ويخرج منَ الباب الآخر فأعطوه خمسة عشر من أبناء ملوكهم، ويقال أربعين، ويقال ثمانين ورمى القهندز فثبت الحجر في كوته ثُمَّ انصرف، فلما كان بالترمذ حملت إليه خاتون الصلح وأقام عَلَى الترمذ حَتَّى فتحها صلحا، ثُمَّ لما قتل عَبْد اللَّهِ بْن خازم السلمي أتى موسى ابنه ملك الترمذ فأجاره وألجأه وقوما كانوا معه فأخرجه عنها وغلب عليها وهو مخالف، فلما قتل صارت في أيدي الولاة ثُمَّ انتقض أهلها ففتحها قتيبة بْن مُسْلِم، وفي سَعِيد يقول مالك ابن الريب:
هبت شمال خريق أسقطت ورقا ... واصفر بالقاع بعد الخضرة الشيح
فارحل هديت ولا نجعل غنيمتنا ... ثلجا يصفقه بالترمذ الريح
إن الشتاء عدو ما نقاتله ... فاقفل هديت وثوب الدق مطروح
ويقال أن هَذِهِ الأبيات لنهار بْن توسعة في قتيبة وأولها:
كانت خراسان أرضا إذ يزيد بها ... فكل باب منَ الخيرات مفتوح
وكان قثم بْن العَبَّاس بْن عَبْد المطلب مع سَعِيد بْن عُثْمَان فتُوُفِّيَ بسمرقند، ويقال استشهد بها، فقال عَبْد اللَّهِ بْن العَبَّاس حين بلغته وفاته شتان ما بَيْنَ مولده ومقبره فأقبل يصلي فقيل له ما هَذَا، فقال: أما سمعتم اللَّه يقول:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) ٢: ٤٥ وحدثني عَبْد اللَّهِ بْن صالح، قَالَ: حَدَّثَنَا شريك عن جابر عَنِ الشعبي، قَالَ: قدم قثم عَلَى سَعِيد بْن عُثْمَان بخراسان، فقال له سَعِيد: أعطيك منَ المغنم ألف سهم، فقال: لا ولكن أعطني سهما لي وسهما لفرسي، قَالَ: ومضى سَعِيد بالرهن الَّذِينَ أخذهم منَ السند حَتَّى ورد بهم المدينة، فدفع ثيابهم ومناطقهم إِلَى