ويقال: إن عُثْمَان أول منَ اتخذ للمسجد الأروقة، واتخذها حين وسعه قَالُوا: وكان باب الكعبة عَلَى عهد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السلام وجرهم والعماليق بالأرض حَتَّى بنته قريش، فقال أبو حذيفة ابن المغيرة يا قوم ارفعوا باب الكعبة حَتَّى لا يدخل إلا بسلم فإنه لا يدخلها حينئذ إلا من أردتم، فإن جاء أحد ممن تكرهون رميتم به فسقط فكان نكالا لمن وراءه، فعملت قريش بذلك.
قَالَ: ولما تحصن عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن العوام في المسجد الحرام واستعاذ به- والحصين بْن نمير السكوني إذ ذاك يقاتله في أهل الشام- أخذ ذات يوم رجل من أصحابه نارا عَلَى ليفة في رأس رمح، وكانت الريح عاصفا، فطارت شرارة فتعلقت بأستار الكعبة فأحرقتها، فتصدعت حيطانها واسودت، وذلك في سنة أربع وستين حَتَّى إذا مات يزيد بْن معاوية، وانصرف الحصين بْن نمير إِلَى الشام أمر ابْن الزبير بما في المسجد منَ الحجارة الَّتِي رمى بها فأخرج، ثُمَّ هدم الكعبة وبناها عَلَى أساسها وأدخل الحجر فيها وجعل لها بابين موضوعين بالأرض شرقيا وغربيا يدخل من واحد ويخرج منَ الآخر، وكان قَدْ وجد أساس الكعبة متصلا بالحجر، وإنما التمس إعادتها إِلَى بناء إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السلام عَلَى ما كانت عائشة أم الْمُؤْمِنِين أَخْبَرَته عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجعل عَلَى بابها صفائح الذهب وجعل مفاتيحها من ذهب، فلما حاربه الحجاج بْن يوسف من قبل عبد الملك ابن مروان وقتله كتب إليه عَبْد الملك يأمره ببناء الكعبة والمسجد الحرام، وقد كانت الحجارة حلحلت الكعبة فهدمها الحجاج وبناها فردها إِلَى بناء قريش وأخرج الحجر، فكان عَبْد الملك يقول بعد ذلك: وددت أني كنت حملت ابْن الزبير أمر الكعبة وبناءها ما تحمل.