ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشا؛ لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر (١) ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي ﵌، وحصرت قريش النبي ﵌ وأهل بيته بنى هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عبد الله بن عباس ﵁ في الشعب قبل خروج بنى هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله ﵌. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليا إلى رسول الله ﵌، وذلك:
أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله ﵌ للعباس عمه - وكان من أيسر بنى هاشم: يا عباس؛ إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفف عنه