للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأويلة رَحِمَهُ اللَّهُ، ومن غريب ما جرى للشيخ أبي محمد رَحِمَهُ اللَّهُ، من التعبير الغريب وأنا بغرناطة، أنه جلس في بعض العشيات مع قاضي الجماعة أبي بكر الأشبرون الإشبيلي، وكان بينهما صحبة وصداقة، ببلدهما إشبيلية، فقال له القاضي: إني رأيت البارحة، أني أقرأ من أول ياسين أو من ياسين إلى قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩] فقال له أبو محمد: تعيش من ليلة الرؤيا ثمانيا وعشرين ساعة أو مثلها ليلة، أو مثلها جمعا أو مثلها شهورا، فقال له القاضي ممازحا وكان قد نيف على الثمانين، أو مثلها سنين، فقال: لا يحتمل عمرك ذلك، ثم قطع الخصوم بينهما الكلام.

فلما كان في الثامنة والعشرين حكم في الجامع إلى أن غربت الشمس، وكان قويا صحيحا، فتوجه إلى منزله فمات فجأة بعد العشاء الآخرة رَحِمَهُ اللَّهُ.

فائدة أخرى: لقيت بالحرم الشريف بعض العلماء الوافدين في الركب وأخبرني باسمه فأنسيته ولم أره قبل ولا بعد، فجرى الكلام معه في الطواف بالبيت، لم شرع جعله على اليسار؟ فذكرت بعض ما قيل فيه، فقال: إنما ذلك لأن الطائف بالبيت مصل مؤتم بالكعبة، ومن شأن الإمام إذا ائتم به المفرد أن يقف عن يمين الإمام، وهو يسار المأموم، وهذا الذي قاله هذا الفاضل، ذكره الله في الصالحات، حسن جميل، ويحتمل عندي، أن يكون ذلك لأن يكون ابتداء حركة الطائف على يمين نفسه بخلاف لو جعلها على يمينه فإنه يكون ابتداء حركته على يساره.

وقد وقعت لبعض الصوفية في ذلك إشارة حسنة ضمنها شعرا له، وهو ما

<<  <   >  >>