الحارث، عن أبي عبد الله الصنابحي، أنه قَالَ: قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق، فصليت وراءه المغرب، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن و { [من قصار المفصل، ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى أن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه، فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه ال::] رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: ٨] ، الثاني: قوله: عبد الله الصنابحي روى عن أبي بكر فإنه أيضًا وهم جره وهمه الأول، فإنه لما اعتقد أنه الراوي حديث صلاة أبي بكر في المغرب عد فيمن روى عنه عبد الله الصنابحي أبا بكر وليس كذلك، فإن عبد الله الصنابحي لا تعرف له رواية إلا في الأحاديث الثلاثة: حديث الوضوء، وحديث إن الشمس تطلع، وحديث الوتر، فاعلمه.
الثالث: قوله إن مالكا لم يعرفه فأسماه عبد الله، فإن الناس كلهم عبيد الله، ونسبه هذا إلى من يقوله ولم يسم أحدًا وهو خطأ من قائله، فإن مالكا رحمه الله أشد الناس تحفظًا وتورعًا في رواية الحديث والإتيان به على نص ما سمعه، ويشهد على صحة ما قلناه وخطأ من قَالَ ذلك أنه ذكره في حديث صلاة أبي بكر المغرب على ما سمعه من أبي عبيد، فقال عن أبي عبد الله الصنابحي، فدل ذلك أنه في الحديثين أتى به على ما سمع من زيد بن أسلم والله أعلم، وقد قَالَ أبو عمر بن عبد البر: ما أظن هذا الاضطراب جاء إلا من زيد بن أسلم، قَالَ القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي يحيى: لو كان مالك هو الذي أسماه في الحديثين لأنه لم يعرفه كما زعم هذا القائل لأسماه في هذا أيضًا كذلك، وإنما نقل رحمه الله ما سمع.