وقد أعلمت على ذلك في موضع آخر لم يقع لي الآن ذكره، ولا أشك أن من جملتها حديث:«السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل الرجوع إلى أهله» .
وذلك في التاسع لذي القعدة عام أربعة وثمانين وست مائة، وكانت القراءة في أصل عتيق فيه رواية الحمويي وغيره مفسرة، وكأنه تكره من القراءة في غير أصل سماعه أو ما عورض به فأعجبني منه ذلك ولم أحمل عليه في الازدياد.
وأقمنا هناك بقية يوم الجمعة إلى ظهر يوم السبت الثامن لذي قعدة، ورحلنا من هناك، ومن تبوك يرفع الماء إلى العلى، وما بينهما أشق شيء في الطريق، وأقله ماء لأنه ليس فيه ماء أصلي سوى بئر بوادي الأخضر، قل أن ينفي بالركب، وقد هلك فيه في بعض الأوقات خلق كثير وعدد كبير، لكن من الله الكريم بلطفه وصادفنا بالطريق من ماء المطر نحو سبعة أمواه.
وفي ذلك الطريق في مواضع منه عديدة بصائط كثيرة فيها حصى أبيض رائق كثير الصفاء والبريق في لون البلور كأنه حب اللؤلؤ لصفائه وحسنه وكثرة مائه