إن كان يتغيّر المعنى بالإدراج فإنه لا يجوز إلا ببيانه.
وإن كان لا يتغيّر به المعنى مثل: حديث الزهري (والتحنّث التعبّد) فإنه لا بأس به، وذلك لأنه لا يعارض الحديث المرفوع، وإذا كان لايعارضه فلا مانع من أن يُذكر على سبيل التفسير والإيضاح.
وإذا تبيّن الإدراج فإنه لا يكون حجة، لأنه ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يحتج به.
(الحديث المدبَّج)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
وما روى كل قرين عن أخِهْ ... مدبّج فاعرفه حقاً وانتخه
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم السابع والعشرين وهو (الحديث المدبّج) .
مدبّج: اسم مفعول من دبّج مدبّج، ومادة دبّج من التحسين والتزيين.
والمدبّج اصطلاحاً: هو رواية كل قرين عن قرينه، وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ، وهو تعريف جيّد.
ففي هذا التعريف وصفان مهمان في وصف المدبّج: -
الوصف الأول: أن يكونا أقراناً، احترازاً من رواية الأكابر عن الأصاغر أو رواية الأصاغر عن الأكابر، فأحياناً يروي الشيخ عن تلميذه، فلا يكون هذا من باب التدبيج، لا بد أن يكونا قرينين، بأن يتفقا في السن مثلاً أو اتفقا في الشيوخ.
الوصف الثاني: الرواية بأن يروي القرين عن قرينه، فإن كان في سنّه ولم يرو عنه فهم أقران وليس مدبّجاً، فإن روى عنه فهو المدبّج.
وسمي هذا الحديث بالمدبّج، مأخوذ من الديباجة، ويقال ديباجتي الوجه أي جانبيه، سمي بذلك لتساوي القرينين وتقابلهما، وقيل: لأن فيه شدّة تحسين وتزيين وتواضع، أن يروي القرين عن قرينه ففيه تقارب بينهما، يقال: دبّج الشيء إذا زيّنه.
وقوله " أخه ": هذه من الأسماء الستة، ولم تعرب هنا بالحركات الفرعيّة، وإنما هذه هي لغة النّقص، وهي لغة صحيحة فصيحة عربيّة.
وذكرها بن مالك ـ رحمه الله تعالى ـ عندما قال: -
أبٌ أخٌ حمٌ كذاك وهنُ ... والنقص في هذا الأخير أحسنُ
وفي أبٍ وتالييه يندر ... وقصرها من نقصهن أشهر