للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: الصحيحين لم يستوعبا الأحكام الشرعية، ذهب بعض الأفاضل إلى أن الصحيحن استوعبا أصول الأحكام، وهذا غير صالح في نظري، فهناك أشياء كثيرة من الأحكام، وهي من الأصول لم تُذكر في الصحيحين، وأما قول بعض الأئمة كابن رجب أو بن عبد البر ـ رحمهما الله تعالى ـ أوغيرهما، فهي عبارات أغلبية يقولون: فيها معظم أو أكثر، وتجوّز المعاصرون فجعلوها قواعد كليّة.

تنبيه:

علينا أن ننتبه لبعض عبارات الأئمة في بعض أصولهم في إطلاق الصحة، وفي إطلاق أصله، فبعض الأئمة كالإمام البغوي ـ رحمه الله تعالى ـ في المصابيح جعل له أصلا في وصفه للصحة ووصفه للحسن قال " الصحاح كل ما كان في الصحيحين، والحسان كل ما كان في السنن "، فهو أراد أن يجعل له اصطلاحا فقط فهو وما أراد، بدليل أن البغوي في شرح السنة يذكر حديث لأبي داود ويقول هذا حديث صحيح.

مثال لحديث اتصف بالشروط الخمسة للحديث الصحيح: الأحاديث كثيرة، ولكن نأخذ إسناداً كالشمس: قال الإمام أحمد حدثني الشافعي حدثني مالك حدثني نافع حدثني بن عمر. فهذا إسناد ذهبي إمامي مشرق، ولم يأت هذا الإسناد على هذا النسق إلا في أربعة أحاديث جمعها الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ في موضع واحد، وساقها مساق حديث واحد.

فقال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي أنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا يبيع بعضكم على بيع بعض ونهى عن النجش ونهى عن بيع حَبَلِ الْحَبَلَة ونهى عن المزابنة. والمزابنة بيع التمر بالثمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلاً) .

فنقول عن هذا الإسناد " إسناد صحيح ".

قس على ذلك حديث البخاري حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر، فهذ إسناد بهذا الأوصاف التي ذكرت.

<<  <   >  >>