الفائدة الأولى: أن طالب العلم لا يحتقر نفسه ولا عمله، فالإمام البيقوني ـ رحمه الله تعالى ـ ليس له من العلم إلا أنه نظم بضعة وثلاثين بيتا في علم المصطلح، فقيض الله جل وعلا لها انشراح، فالشراح أكثروا من شرحها، سواء من القدماء أو من المعاصرين، لا أكاد أعلم أحد يهتم بعلم الحديث في هذا الوقت المعاصر إلا وشرح هذه المنظومة، أكاد أجزم بهذا الأمر أن كل من يهتم بعلم الحديث أن يكون قد مرّ على هذه المنظومة وشرحها لطلابه وهذا تيسير، فكم من الحسنات تجري لهذا الإمام الذي توفي ولا يعرف فلا يحتقر الإنسان نفسه لا يقول هذا الموضوع فيه عشرات الكتب، فالمنظومات كثيرة في علم المصطلح فالبيقوني لم يحتقر نفسه ولا شك أن عنده الاستطاعة كما في هذا النظم العظيم ومع ذلك انظر كيف طرح الله البركة فيها، فشرحها جمع غفير.
الفائدة الثانية: أن طالب العلم عليه أن ينوع في طريقة إيصال العلم، هذا الإمام البيقوني ـ رحمه الله تعالى ـ نظمه يدل على أنه يستطيع أن يؤلف مسألة حديثيّة وأن يؤلف مسألة فقهية وأن يؤلف مسألة أصولية من ظاهر نظمه.
فعلى طالب العلم أن ينوع، فاختصار الكتب علم، فتأتي إلى كتاب لابن تيمية أو كتاب للشيخ ابن عثيمين أو كتاب للشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمهم الله تعالى ـ أو كتاب للإمام الشافعي أو كتاب للإمام مالك أو أي مؤلف كتب الله له القبول لمؤلِّفه ومؤلَّفه، تأتي إليه فاختصره، كم من كتاب بقي لنا الآن المختصر ولم يبق لنا الأصل.