ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ الحديث العزيز والحديث المشهور، وهذا التقسيم مبني على تقسيم أهل الأصول، فتقسيم الحديث إلى متواتر ومشهور وآحاد، إنما هو من تفصيلات أهل الأصول، وليس تفصيلات المحدثين، وهذا من العلوم التي دخلت على أهل السنة والجماعة، وعلى أهل الاصطلاح، وهو من التقسيمات غير المجدية وغير النافعة، وليس لها فائدة ولا ثمرة، فتقسيم الحديث إلى متواتر ومشهور وآحاد تقسيم لا ثمرة له، بل إن أهل الكلام أدخلوا هذا التقسيم على أهل السنة لغرض فاسد وهو إبطال حجية أحاديث الآحاد في صفات الله جل وعلا وأفعاله وأسمائه وما هو مستحق له من الكمالات فدرجوا على نفي أحاديث الصفات بتقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحاد ثم قالوا المتواتر قطعي الدلالة قطعي الثبوت، والآحاد ظني الدلالة، ثم استنتجوا قاعدة فقالوا إن صفات الله لا تثبت إلا بالقطعيات والأحاديث الآحادية إنما هي ظنيّة، إذاً لا نثبت صفات الله جل وعلا بسبب هذا الوارد، فأصبح هذا التقسيم طاغوتاً ينفى به صفات الباري جل وعلا، ولهذا كسر أهل العلم هذه القاعدة، فنقول إن هذا غير صحيح، فلو قسمنا نقول هذا غير صحيح، لو قسمنا الأحاديث إلى متواترة وإلى آحاد من باب التقاسيم والاعتبارات لا إشكال، لكن نقول إن صفات الله تثبت بالآحاد وتثبت بالأحاديث المتواترة وتثبت بالأحاديث المشهورة، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خبره واحدٌ من السماء ومع ذلك هو متواتر فالله جل وعلا أرسل بشراً واحداً لينشر الدين كله ومع ذلك لم يكن هذا خبره خبر آحاد، ولم يُعذَر المشركون بأنهم ما تبعوا الرسول لأن خبره خبر آحاد، فلم يأته التواتر حتى الآن! ، بل إن الله جل وعلا أقام به الحُجة والمحَجّة،فهذا التقسيم تقسيم باطل يجب أن ينفى وأن يطرد إذا كان يستنبط منه ما سبق من ردّ أحاديث الصفات إذا كان حديث آحاد، ثم نذهب إلى أهل الأصول فننظر أن أهل الأصول من أهل السنة