فتحديد الساقط بأنه صحابي فيه إشكال، لكن على توجيهنا الذي ذكرناه قبل قليل يندثر هذا الإشكال، وهو أننا قلنا بأنه جعل ضابطاً، هولم يقصد تحديد الساقط من هو؟ وإنما جعل ضابطاً للمرسل بالنسبة للرآئي، هو لا يقصد أن يحدد من هو الساقط؟ وإنما أراد أن يعطي ضابطاً للرآئي في هذا الإسناد فقط لم يقصد أن يجعل حداً أن يحدد من هو الساقط؟ وإذا فسرنا تعريف الذهبي والمؤلف ـ رحمها الله تعالى ـ بهذا لم يكن عندنا إشكال لأنه لم يحدد المؤلف من هو الساقط، وإنما أراد بأن تقول كلما رأيت إسناداً ليس فيه صحابي وهو مرفوع فإنه مرسل، وهذا يندفع به الإشكال، ولا تكاد تجد من عرّف بهذا التعريف إلا اعترض عليه من شارح أو مُحشٍّ بهذا الإعتراض، ولكن نقول بأن المؤلف ما قصد تحديد الساقط، وإنما قصد أن يجعل ضابطاً في معرفة ما هو الإسناد المرسل؟ بأن ترى الإسناد ليس فيه صحابي من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قل مرسل.
إذاً هذا هو التعريف الأول للمرسل، وعليه إشكال نستطيع أن نجيب عنه بما ذكرته لكم.
التعريف الثاني:
ما رفعه التابعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن عرّفه بهذا أراد أن ينفك من الإيراد الذي أورد على المؤلف ـ رحمه الله ـ، كذلك أراد أن يحدّ المرسل، فلا بدّ أن يكون الذي رفع الحديث تابعي، فلو رفعه غير التابعي فإنه لا يكون مرسلاً عنده، وإنما يكون منقطعاً أو معضلاً أو ماشابه ذلك من الذي سنأخذه ـ إن شاء الله ـ.
فلو قال مالك ـ رحمه الله تعالى ـ بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا نقول عنه ـ على التعريف الثاني ـ معضل أو منقطع كما سيأتي، وهو مرسل على التعريف الأول، أما على التعريف الثاني فليس بمرسل.
التعريف الثالث:
ما رفعه التابعي الكبير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.