إذاً القسمة لا تخرج عن ثلاثة أشياء:
الأول: أن يروي الراوي الموصوف بالتدليس من شيخه الذي سمع منه حديثاً بصيغة " عن " أو " أن " أو " قال " فهذا يسمى " تدليس الإسناد " بالاتفاق.
الثاني: أن يروي الراوي عمن لم يعاصره أصلاً، فهذا إما أن يسمى تدليساً، وإما أن يسمى مرسلاً، وإما أن يسمى منقطعاً، وهذا لا إشكال فيه أيضاً.
الثالث: أن يروي الراوي عمن عاصره، بصيغة عن أو أن.
فنقول هذا التعريف يرد عليه احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يكون عندنا قطعٌ بأنه لم يلقه، فهذا هو " المرسل الخفي ".
الاحتمال الثاني: أن لا يرد أنه لقيه ولا يرد أنه لم يلقه، فهذا هو الحديث المعنعن، بالكلام الذي أخذناه وشرحناه وفهمناه إن شاء الله.
فإذا سئلت ما هو المرسل الخفي؟
تقول: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه.
فإن قيل لك دقق، قل: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يلقه أصلاً، فهذا تدقيق في التعريف.
إذا سئلت ما هو الفرق بين التدليس وبين المرسل الخفي؟
فقل التدليس: أن يروي الراوي عن شيخه ـ ونحن متأكدين أنه شيخه.
أما المرسل الخفي: أن يروي عمن لم يلقه.
وبماذا يجتمعان؟ يجتمعان بالمعاصرة.
إذاً يختلفان بأن التدليس يروي عن شيخه الذي ثبت أنه سمع منه، بينما الإرسال الخفي يروي عمن ثبت أنه لم يلقه.
فالتدليس ثبت أنه لقيه لكن هذا الحديث بعينه لم يسمعه منه، بينما الإرسال الخفي كل الأحاديث أصلاً ما سمعها منه.
ما الفرق بين الإرسال الخفي والحديث المعنعن؟
الإرسال الخفي: ثبوت المعاصرة وعدم اللقاء.
والمعنعن: ثبوت المعاصرة ولم يثبت اللقاء أو عدمه.
مسألة:
ما الفائدة من كلامنا على الإرسال الخفي، وكلامنا على التدليس؟
سبق لنا أن هناك من جعل الإرسال الخفي والتدليس شيئاً واحداً، إذاً ما الفائدة من التفريق؟