للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التى تدل على الخالق فالنصوص التى تدل على المخلوق تليق به، وظاهرها مراد فى حقه معلومة المعنى لورودها فى القرآن والسنة باللغة العربية وكذلك معلومة الكيفية، لأننا نراها بالحوس البصرية، أو نرى نظيرها فنحكم عليها بالتشابه أو المثلية أما النصوص القرآنية والنبوية التى تدل على الخالق فهى معلومة المعنى أيضا لأن اللَّه عز وجل خاطبنا باللغة العربية لا باللغة الأعجمية، فلا يمكن القول إن كلام اللَّه بلا معنى، أو يشبه كلام الأعاجم والألغاز التى لا تفهم أما الكيفية الغيبية للصفات الإلهية التى دلت عليها هذه النصوص، فهى كيفية حقيقية معلومة لله تليق به، لكنها مجهولة لنا لا نعلمها لأننا ما رأينا اللَّه، فقال نبينا صلى الله عليه وسلم: (تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ) (١) وما رأينا لكيفيته سبحانه وتعالى نظيرا نحكم عليها من خلاله، إذ يقول اللَّه تعالى فى سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (١١) } .

والمسلم العاقل يعلم يقينا أن الفرق كبير بين مخلوقات الدنيا ومخلوقات الآخرة، وأن اللَّه سبحانه وتعالى أخبرنا عما فى الجنة من المخلوقات من المطاعم والملابس والمناكح والمساكن، وأخبر أن فيها لبنا وعسلا وخمرا ولحما وماءا وحريرا وذهبا وفضة وفاكهة وقصورا، وهذه المخلوقات الغيبية تتوافق فى الأسماء فقط مع المخلوقات التى فى الدنيا من المطاعم والملابس والمناكح والمساكن، وليست مماثلة لها أبدا، بل بينهما من الفرق ما لا يعلمه إلا اللَّه تعالى، فالخالق سبحانه وتعالى فى ذاته وصفاته أعظم فرقا وأسمى توحيدا وتميزا من ذات المخلوق وصفاته.

... وإذا كانت العقول قاصرة عن إدراك الروح التى فينا أو التعرف على شكلها على الرغم من كونها داخل أبداننا، لأننا لم نرها أو نرى لها نظيرا، فاللَّه تعالى أولى أن نعجز عن تكييف ذاته وصافته، وإذا كان النافى لصفات الروح جاحدا معطلا لها،


(١) صحيح، أخرجه مسلم فى كتاب الفتن وأشراط الساعة برقم (٢٩٣١) .

<<  <   >  >>