وكان من مثلها بما نشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها، وهى مع ذلك موجودة لها أوصاف حقيقية، فالخالق سبحانه وتعالى أولى أن يكون النافى لصفاته جاحدا معطلا ومن قاسه بخلقه جاهلا به ممثلا، وهو سبحانه وتعالى له الكمال فى الذات والأسماء والصفات.
[محذورات القاعدة الأولى]
من الأمور الهامة التى ينبغى الحذر منها صيانة للقاعدة الأولى، حتى لا ينهدم التوحيد فى قلب المسلم أو تشوبه شائبة، أن يحذر من نوعين من القياس حرمهما اللَّه على من استخدمهما فى حقه، وقد وقع فيهما أهل الضلال من الممثلة والمشبهة، الذين جسدوا فى أذهانهم صورا للمخلوقات وزعموا أن أوصاف اللَّه التى وردت بها النصوص فى الكتاب والسنة على هذه الكيفية، وقد استخدم الممثل النوع الأول من القياس، والنوع الثانى استخدمه المشبه وأحيانا يطلق عليه المكيف.
- النوع الأول: قياس التمثيل وهو إلحاق فرع بأصل فى حكم جامع لعلة، فالممثل جعل صفة الإنسان التى لا يعرف غيرها أصلا، وجعل صفة اللَّه التى دلت عليها النصوص فرعا، ثم طابق الفرع على الأصل وحكم بينهما بالتماثل، ولو سئل عن السبب فى هذا التمثيل؟ لقال: لأن اللَّه له أوصاف والإنسان له أوصاف، فهذا يوجب التماثل، ومن أجل ذلك حكمت بأن استواء اللَّه على العرش يماثل استواء الإنسان، ووجه اللَّه يماثل وجه الإنسان، ويد اللَّه تماثل يد الإنسان، وهكذا فى سائر أوصاف اللَّه وأوصاف الإنسان، قيل له: قد علم العقلاء أن ذلك باطل لا يتوافق مع العقل السليم، فلو قيل: طائر كبير وفيل كبير، فهل صورة الطائر كصورة الفيل لأنهما اشتركا فى لفظ كبير،