للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت أوصاف البشر مختلفة، فهناك فرق كبير بين عرش بلقيس وعرش سليمان، ووجه يوسف عليه السلام ووجه غيره من بنى الإنسان، فإن الفرق أعظم وأكبر من باب أولى بين أوصاف الخالق سبحانه وتعالى وأوصاف المخلوق وسيقر المسلم فى خشوع وخضوع أن استواء اللَّه ليس كاستواء البشر ووجه اللَّه ليس كوجه البشر، وأوصاف اللَّه ليست كأوصاف البشر، وأن اللَّه ليس كمثله شئ فى ذاته وصفاته وأفعاله، وهذه طريقة الموحدين.

... أما الممثل لأوصاف اللَّه بأوصاف البشر فهو ظالم لنفسه، متقول على ربه ما ليس له به علم، فهو فى الحقيقة تخيل فى ذهنه أن صفة اللَّه الواردة فى نصوص الكتاب والسنة هى كصورة إنسان من البشر، وعظمها له الشيطان فعبدها على أنها المقصود عند ذكره لأوصاف اللَّه، وهو فى الحقيقة إنما يعبد صنما، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى وصف حال الممثل: الممثل يعبد صنما.

- النوع الثانى: قياس الشمول وهو القانون الشامل أو الأحكام العامة التى تطبق على جميع الأفراد أو كما عرفوه بأنه قياس كلى على جزئ، فالمكيف أو المشبه الذى يستخدم قياس الشمول جعل الكيفية التى تحكم أوصاف الإنسان قانونا يحكم به على أوصاف الرحمن كقوله: لو كان اللَّه متصفا بالكلام لكان له فم ولسان، لأنه لم ير المتكلم فى أحكام الدنيا إلا على هذه الكيفية، وكقوله: لو كان على العرش لكان محمولا فطبق قانون الجاذبية الأرضية على كيفية استواء الخالق كما يطبقها على استواء الإنسان أو حمله للأشياء، ومعلوم أن صاحب الفطرة السليمة يأبى أن يقال مثل هذا فى أوصاف اللَّه، بل يعلم أن هذه الأحكام ربما لا تطبق على الإنسان خارج نطاق الجاذبية الأرضية، مثل أماكن انعدام الوزن أو المحطات الفضائية، أو ربما يسمع صوتا من غير فم أو لسان كما

<<  <   >  >>