وكذا الحال فى سائر الصفات، كما أن طريقة السلف فى إثبات الصفات تعتمد على أمرين:
١- النفى المجمل لصفات النقص والإثبات المفصل لصفات الكمال: فاللَّه سبحانه وتعالى نفى عن نفسه كل صفات النقص إجمالا لا تفصيلا فقال تعالى فى النفى فى سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (١١) } وفى سورة الإخلاص: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) } وقد أثبت اللَّه لنفسه صفات الكمال تفصيلا، فقال تعالى فى سورة الحديد: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) } وغير ذلك من الآيات التى عدد اللَّه فيها أسماءه وأوصافه مثبتا لها ولكمالها وجلالها ومفصلا فى ذلك، واعلم أن طريقة السلف فى الإثبات والنفى عكس طريقة المعتزله الأشعرية تماما، فإنهم يجملون فى الإثبات ويفصلون فى النفى فمثال الإجمال فى الإثبات ما فعله أهل الاعتزال حين أثبتوا وجود ذات الله فقط ونفوا عنه الصفات، ومثال التفصيل فى النفى عندهم قولهم فى مدح اللَّه: ليس بجسم ولا شبح ولا صورة ولالحم ولا دم ولا بذى لون ولاطعم ولا رائحة ولا مجسة ولا بذى حرارة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا طول ولا عرض ولاعمق ولا.. ولا ... إلخ، وهذا يماثل قول الأحمق فى مدح الأمير: لست بزبال ولا كناس ولا خادم ولا متسول ولا.. ولا ... إلخ