للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم - رحمك الله - أن أهل العلم والعناية بالدين افترقوا في هذا الأمر فرقتين (١)، فقالت إحداهما: الإيمان بالإخلاص لله بالقلوب، وشهادة الألسنة، وعمل الجوارح، وقالت الفرقة الأخرى: بل الإيمان بالقلوب والألسنة، فأما الأعمال فإنما (٢) هي تقوى وبر، وليست من الإيمان.

وإنا نظرنا في اختلاف الطائفتين، فوجدنا الكتاب والسُّنة يصدقان الطائفة التي جعلت الإيمان بالنية والقول والعمل جميعًا، وينفيان ما قالت الأخرى.

والأصل الذي هو حجَّتنا في ذلك: اتباعُ ما نطق به القرآن، فإن الله تعالى ذكره علوًّا كبيرًا قال في مُحكم كتابه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩].


(١) يلاحظ إدخال المصنف مرجئةَ الفقهاء في زمرة أهل العلم والعناية بالدين، وهذا من إنصافه ، فإن منهم علماء وفقهاء، فأول من قال به: حماد بن أبي سليمان، وتلقاه عنه أبو حنيفة - رحمهما الله -، وهما من أهل العلم، ولا شك في بطلان مذهبهم وفساده إلا أن لهم حججًا شرعية بسببها اشتبه الأمر عليهم.
قال شيخ الإسلام : "وهذه الشبهة التي أوقعتهم مع علم كثير منهم وعبادته وحسن إسلامه وإيمانه، ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدًا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد". الفتاوى (٧/ ٣٩٤)، وانظر: (٧/ ١٩٤) منه، وانظر كذلك ما يأتي ص (٧٧).
(٢) في الأصل: "فإنها"، والتصويب من المطبوع.

<<  <   >  >>