للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب تسمية الإيمان بالقول دون العمل]

قال أبو عبيد: قالت هذه الفرقة: إذا أقرَّ بما جاء من عند الله، وشهد شهادة الحق بلسانه فذلك الإيمان كله، لأن الله ﷿ سمَّاهم مؤمنين.

وليس ما ذهبوا إليه عندنا قولًا، ولا نراه شيئًا، وذلك من وجهين:

أحدهما (١): ما أعلمتك في الثُّلث الأول (٢)، أن الإيمان المفروض في صدر الإسلام لم يكن يومئذٍ شيئًا إلا إقرارٌ فقط.

وأما الحجَّة الأخرى: فإنا وجدنا الأمور كلها يستحقُّ الناس بها أسماءها مع ابتدائها والدخول فيها، ثم يفْضُل فيها بعضُهم بعضًا، وقد شملهم فيها اسمٌ واحدٌ.

من ذلك أنك تجد القوم صفوفًا بين مستفتحٍ الصلاة، وراكعٍ وساجدٍ، وقائمٍ وجالسٍ، فكلهم يلزمه اسمُ المصلِّي، فيقال لهم: مصلُّون، وهم مع هذا فيها متفاضلون.

وكذلك صناعات الناس؛ لو أن قوما ابتنوا حائطًا، وكان بعضهم في تأسيسه، وآخر قد نصَّفه، وثالث قد قارب الفراغ منه، قيل لهم جميعًا: بناةٌ، وهم متباينون في بنائهم.

وكذلك لو أن قومًا أُمروا بدخول دارٍ، فدخلها أحدُهم، فلما تعتَّب البابَ أقام مكانه، وجاوزه الآخرُ بخطوات، ومضى الثالثُ إلى وسطها، قيل لهم


(١) في الأصل: "إحداهما".
(٢) انظر ما تقدم ص (٣٠ - ٣٢).

<<  <   >  >>