للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما الذين قالوا: يزداد من الإيمان، ولا يكون الإيمان هو الزائد (١)، فإنه مذهبٌ غير موجود؛ لأن رجلًا (٢) لو وُصِف مالُه فقيل: هو ألفٌ، ثم قيل: إنه ازداد مائة بعدها، ما كان له معنى يفهمه الناس إلا أن يكون المائة هي الزائدة على الألف، وكذلك سائر الأشياء، فالإيمان مثلها، لا يزداد الناس منه شيئًا إلا كان ذلك الشيء هو الزائد في الإيمان.

وأما الذين جعلوا الزيادة ازديادَ اليقين فلا معنى لهم؛ لأن اليقين من الإيمان، فإذا كان الإيمان عندهم كله برمته إنما هو الإقرار، ثم استكمله هؤلاء المقرُّون بإقرارهم، أفليس قد أحاطوه باليقين من قولهم؟ فكيف يزداد من شيء قد استُقصي وأُحيط به؟!

أرأيتم رجلًا نظر إلى النهار بالضحى حتى أحاط عليه كله بضوئه، هل كان يستطيع أن يزداد يقينًا بأنه نهار، ولو اجتمع عليه الإنس والجن؟ هذا يستحيل ويخرج مما (٣) يعرفه الناس (٤).


(١) في المطبوع: "الزيادة".
(٢) في الأصل: "لأن جلا".
(٣) كذا في الأصل، والأشبه: عما.
(٤) قد يفهم من تقرير المصنف في هذا الباب أنه يحصر زيادة الإيمان بزيادة الأعمال دون التصديق القلبي واليقين ونحوهما من وجوه زيادة الإيمان؛ فإنه ذكر عن سفيان والأوزاعي ومالك أنهم يرون أعمال البر جميعًا من الازدياد في الإسلام لأنها كلها عندهم منه، ثم ذكر أن أهل السنة تأوَّلوا أدلة زيادة الإيمان أن الزيادات هي الأعمال الزاكية، ثم ذكر تأويلات المرجئة وجعل سببها قولهم بعدم دخول العمل في الإيمان، وهذا مشكل لوجوه: =

<<  <   >  >>