للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجعله الله بالاستكبار كافرًا، وهو مقرٌّ به (١) غير جاحدٍ له، ألا تسمع [قوله] (٢): ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢]، وقوله: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩]، فهذا الآن مقرٌّ بأن اللهَ ربَّه، وأثبت القدر أيضًا في قوله: ﴿أَغْوَيْتَنِي﴾.

وقد تأوَّل بعضهم قوله: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ أنه كان كافرًا قبل ذلك، ولا وجه لهذا عندي، لأنه لو كان كافرًا قبل أن يؤمر بالسجود لما كان في عداد (٣) الملائكة (٤)، ولا كان عاصيًا إذا (٥) لم يكن ممن أُمر بالسجود.

وينبغي في هذا القول أن يكون إبليس قد عاد إلى الإيمان بعد الكفر، لقوله: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾، وقوله: ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢].

فهل يجوز لمن يعرف الله وكتابه وما جاء من عنده أن يثبت الإيمان لإبليس اليوم؟


(١) بقلبه ولسانه، انظر ما يأتي ص (١١٣).
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) في الأصل: "عدد".
(٤) أي: معهم مكانًا ووصفًا من طاعة لله واستجابة لأوامره، لا أنه منهم في الخلق والجبلة.
(٥) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "إذ"، ومراد المصنف أنه لو كان كافرًا قبل الأمر بالسجود لما كان عاصيًا بتركه، لأنه حينئذ غير داخل فيمن أمروا بالسجود، لأن الخطاب كان للملائكة، فكفره ينفي كونه في عداد الملائكة، وبالتالي ينفي دخوله في الخطاب، فلا يكون عاصيًا بتركه، والله أعلم.

<<  <   >  >>