من نقول وآراء في حق هؤلاء الرواة، واستخلاص الآراء منها، والتأكد مما جاء فيها من أحكام.
والحق المُرُّ الذي لا بد لنا من أن نبديَه وَنُنَبِّهَ إليه هو: أن صنيع الحافظ ابن حجر في هذا الكتاب لم يكن يتناسبُ مع الشهرة العريضة التي نالها، والمنزلة العلمية التي تبوأها، فالصحابة لا يحتاجون إلى أن يقال فيهم شيء، لأنهم عدول باتفاق، والثقات المجمع على توثيقهم هم ثقاتٌ باتفاق، والضعفاءُ المجمعُ على تضعيفهم هم ضعفاء باتفاق، وكذلك من هم دونهم من المتروكين والكذابين والهلكى، أما المختلف فيهم، فقد استعمل لهم تعابير غير مُحَدَّدة، فقال فيهم:"صدوق يهم" أو "صدوق يخطئ"، أو ما يشبه ذلك من غير دراسةٍ عميقة لأحوالهم، فكأنه يُطالِبُ القارئ بدراسة كُلِّ حديث من حديث هؤلاء على حدة، ليتبين للدارس إن كان وَهِمَ فيه أو لا، وهو كما يظهر عملٌ غير دقيق في الأغلب الأعم، إذ ماذا يُحكم على حديثه استنادًا إلى هذه التعابير غير الدقيقة، لأن الصدوق الذي يهم، أو الذي يخطئ، أو الذي عنده مناكير، وإنما هو في حقيقة الأمر حَسَنُ الحديث في مواضع ضعيفُ الحديث في مواضع أخرى، فيعتبر حديثه، فإن وجد له متابع، تحسن حديثه، واذا انفرد ضُعِّفَ حديثه، فهو عندئذ معلقُ الأمر لا يُمكن الحكم على كل حديثه بمعيارٍ واحد، إنما يدرس حديثه، وعلى أساس دراسة كلِّ حديث يتم إصدارُ الحكم عليه، فضلًا عن أنه قد اضطرب في هذا الأمر اضطرابًا شديدًا، فأطلق مثل هذه الألفاظ على ثقات لهم أوهامٌ يسيرة، وأطلقها حينًا على ضعفاء لهم أوهام كثيرة.
لِكُلِّ هذا رأينا أن من أهم الواجب علينا إعادةَ دراسة أحكام هذا الكتاب دراسة علمية متأنية قائمة على دعامتين رئيستين: