وكل هذه الأمور من حق الله سبحانه وتعالى، وقد صرفها كلها أو بعضها كثير من الناس لغير الله، ويكفيك زيارة واحدة لقبر من القبور المشيدة حتى تشاهد كل ذلك الطلب الصريح من صاحب القبر بكل ما لا يجوز أن يطلب إلا من الله؛ كشفاء المرضى والانتصار من الأعداء، والشفاعة عند الله، والمدد، وإعطاء الأولاد، وخير الدنيا..
وبالجملة؛ فإنه يطلب من هؤلاء الأموات خيري الدنيا والآخرة، وهذا شرك أكبر، مخرج من ملة الإسلام.
ويفعل هذا طوائف كثيرة ينسبون إلى الإسلام!
ولا يكتفون بالدعاء، بل ويذبحون لهؤلاء تقربا؛ كما كانت الجاهلية تفعل عند طواغيتها، وينذرون لهم، بل ويطوفون بالقبور كما يطاف بالكعبة، ويسجدون عندها كما يسجد لله، وليس هناك شرك أكبر من هذا.
وهذه الأمور لا يصنعها عوام الناس وجهلاؤهم فقط، بل ويصنعها كثيرون ممن يزعمون العلم الشرعي، ويحملون فيه شهادات عريضة، وكذلك من يزعمون التقوى والصلاح من أهل الطرق الصوفية والمناهج العبادية المبتدعة، ولا تجد دينهم ينبني إلا على تعظيم هذه القبور وبنائها وإسراجها ودعوة الناس إلى الذبح لها والنذر لها ودعائها من دون الله عز وجل، بل والطواف بها.
وقد أصبح الله عند هؤلاء نسياً منسياً؛ لا يدعى ولا يرجى إلا بواسطة هذه القبور والأضرحة، ويظنون بعد ذلك أنهم مسلمون، وما هم بمسلمين، وقد شابهوا المشركين الذين عبدوا غير الله وقالوا: {ما نعبدهم