صلى الله عليه وسلم: [من رأى منكم منكراً؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه..] الحديث (رواه مسلم) .
إلى أدلة كثيرة لا تحصى كثرة.
والمسلم عندما يدعو إلى الله؛ فإنما يقوم بأداء هذه الأمانة، ويخلي مسئوليته أمام الله تبارك وتعالى؛ كما قال تعالى عن الذين وعظوا إخوانهم من بني إسرائيل، حيث اعتدوا على حرمة السبت، فصادوا السمك محتالين على شرع الله: {قالوا معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون} (الأعراف: ١٦٤) .
فإن الناهين عن المنكر قال لهم بعض الناس: {لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً} (الأعراف: ١٦٤) .
أي أنهم لن يرجعوا عن غيهم وضلالهم، فقالوا المقالة السابقة: {قالوا معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون} (الأعراف: ١٦٤) .
أي: نقوم بالدعوة إعذاراً إلى الله، حتى نعذر عند الله بأننا قمنا بأداء الأمانة، ثم لعل هؤلاء الذين آيستم منهم يرجعون إلى الله سبحانه، والعلم عنده وحده.
وبهذا؛ فالداعي على المنهج السلفي لا بد وأن يجعل نصب عينيه أنه سيتحقق له هدفان ولا بد:
الأول: أن يعذر إلى الله بأداء الأمانة.
الثاني: أن يقيم الحجة لله على المعاندين من خلقه.
وأما الهدفان الباقيان؛ فالأمر فيهما بيد الله سبحانه وتعالى وحده، إن شاء أن يعجل بهما؛ فعل، وإن شاء أن يؤجل ذلك؛ فعل، وهما: هداية الناس، وإقامة شرعه في الأرض.
فالأولى يقول الله فيها: {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} (القصص: ٥٦) .
والثانية يقول الله فيها: {وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً} (النور: ٥٥) .
فالاستخلاف فعل الله: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: ٢١) .
والعجلة في تحقيقه من الذين يجهلون سنن الله في الناس.
ولهذا؛ فإن السائر في طريق الدعوة السلفية لا ييأس أبداً، ولا يذهب عمله سدى؛ لأنه لا بد أن يحقق نصف مراده على الأقل، ويبقى دائماً مترقباً فضل الله بهداية الناس إلى طريقه وتمكين أهل الإيمان في الأرض، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم، وهذا هو النصف الآخر، وهو من فعل الله لا من فعل العبد، وما النصر إلا من عند الله؛ كما قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} (محمد: ٧) ، فلننصر الله عز وجل بأن نكون أولاً مؤمنين حقاً، وذلك باتباع المناهج السابقة في الإيمان والعمل، ثم ندعو إلى الله على بصيرة؛ باذلين النفس والمال في سبيل الله، ولنعلم أن من جاهد فإنما يجاهد لنفسه، إن الله لغني عن العالمين.
ونحن ندعو الناس في مشارق الأرض ومغاربها إلى الإيمان بهذه الدعوة بعد تمحيصها