للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم هم أيضا ليسوا من أهل الوقاحة والتطاول على مقام العلماء بالتجريح والطعن والتشنيع، وإنما مقالتهم دائماً: {رَبنَا اغفرْ لَنَا وَلإخوَننَا الذينَ سَبَقونَا باَلإيمَن وَلاَ تَجعَل في قلوبنَا غلا للذينَ ءامَنوا رَبَنَا إنَكَ رَءوف رَحيم} (الحشر: ١٠) .

وكذلك السلفيون يردون ما اختلف فيه من علم إلى كلام الله وكلام رسوله، ويسترشدون في فهم كلام الله وكلام رسوله بكلام أئمتهم وسلفهم الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

وليس عيبا أن نسترشد بأقوال هؤلاء لنفهم مراد الله ومراد رسوله؛ لأننا لم نشاهد التنزيل أولاً، والصحابة أعلم منا بكلام الله وكلام رسوله، وكذلك العلماء المشهود لهم بالخير أفقه منا وأعلم، وذلك بإخلاصهم وتفرغهم الطويل للعلم والعمل.

وأما أن يكون الأطفال والغلمان الذين لم يحسنوا بعد النطق بالقرآن وفهم الجار والمجرور والفعل والفاعل على قدم المساواة مع أئمة الدين وسادة المسلمين؛ فهذا هو الضلال المبين.

ولقد رأيت بنفسي كيف يتلاعب بكلام الله وكلام رسوله من بعض الغلمان؛ ممن جعلوا أنفسهم علماء بالقرآن والسنة، وأخذوا يفتون في الحلال والحرام والدعوة والسياسة والعبادات وسائر المعاملات بمخاريق وألاعيب تجعل دين الإسلام الحكيم أشبه بدين المجانين والحمقى والمغفلين!

فأي حماقة أكبر من أن يتصدى لتبليغ الذين واستنباط الأحكام من القرآن والسنة من لا يفهم العربية ولا يدرك من أصول الفقه وقواعده شيئا؟!

وباختصار؛ السلفي ليس مقلداً، وهو أيضاً ليس متبجحاً وقحاً، يزعم أنه يستطيع الاستغناء عن فهم الصحابة والتابعين وعلماء الأمة وسادتها الذين حملوا هذا الدين بحق وبلغوه بإخلاص عبر عصور الإسلام إلى يومنا هذا.

<<  <   >  >>