للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قالوا فما وجدناه في المؤلف والحيوان من المنافع التي ما تخيلناها ولا عرفنا شيئا منها يدل على أن الطبيعة فعلت ذلك، قيل لهم وما تنكرون من أن يكون البارئ فعل ذلك؟ على أنكم قد وصفتم الطبيعة بكثير من وصف البارئ، لأنكم زعمتم أنها جوهر لم يزل ليس بجسم وأنها لا تستحيل ولا تتغير ولا يلحقها كون ولا فساد وأنها تدبر الكل وأن أفعالها حكمة وصواب، وإنما خالفتم بينها وبينه بتصييركم إياها في الأشياء المطبوعة غير مفردة ولا قائمة بنفسها ويقال لهم قد وجدنا الإنسان الشخصي عندكم يفسد، فمن المحال أن لا تفسد الطبيعة التي فيه والاسطقسات التي عنها يكون الحسد، والفلك كذلك وسندل على أنه يكون ويفسد في غير هذا الموضع وأما قول أرسطوطاليس أن الطبيعة ألهمت بالحكمة من قبل النفس وهي مبثوثة في العالم فإنه كلام خرافي، ونحن ننقضه في باب وأقاويل الفلاسفة فيها. ومن زعم أن في الموات نفسا فقد جحد الضرورة ويقال لجالينوس إنك وصفت الطبيعة بوصفين متضادين فقلت وإنما فعلت الطبيعة ذلك - يعني الأسنان والفم - تعمدا، ثم قلت إن الحركة الإرادية من أعمال النفس، والعمد لا يكون إلا للنفس كما أن الإرادة لا تكون إلا للنفس. وقلت إن الطبيعة تدُبِّر الحيوان، وهذا معكوس وإنما الحي هو الذي يدبر الطبيعة فيحمى مرة ويأخذ ما يراه من الأدوية مرة. ولو جاز أن يدبر الموات الحي لجاز أن يأمره وينهاه

وأما زعم الاسكندر أن أفعال الطبيعة فوق الأفعال التي تكون بالصناعات، فيقال له وكيف تكون الأفعال العجيبة العالية الشأن للموات العاجز وتكون الأفعال التي هي دونها للحي القادر المختار؟.

<<  <   >  >>