وجمهورهم لهذا الشيء واستسماجهم له وإخفاءهم إياه وسترهم لما يؤتى منه يوجب أن يكون أمراً مكروهاً عند النفس الناطقة. وذلك أن اجتماع الناس على استسماجه لا يخلو أن يكون إما بنفس الغريزة والبديهة وإما بالتعليم والتأديب، وعلى أي الوجهين كان فقد وجب أن يكون سَمِجاً رديئاً في نفسه. وذلك قد قيل في القوانين البرهانية إن الآراء التي ينبغي أن يُشَكّ في صحتها هي ما اجتمع عليه كل الناس أو أكثرهم أو أحكمهم. وليس ينبغي لنا أن ننهمك في إتيان الشيء السمج القبيح بل الواجب علينا أن ندعه البتة، فإن كان لا بد منه فيكون الذي نأتي منه أقلَّ ما يمكن مع الاستيحاء واللوم لأنفسنا عليه، وإلا كنا مائلين عن العقل إلى الهوى وتاركيه له. وصاحب هذه الحال أخسَّ عند العقلاء وأطوع للهوى من البهائم لإيثاره ما دعا إليه الهوى وانقياده له في ذلك مع إشراف العقل به على ما في ذلك عليه وزجره له، والبهيمة إنما تنقاد لِما في الطباع من غير زاجرٍ ولا مُشرفٍ بها على ما عليها فيه
[الفصل السادس عشر]
في الوَلَع والعَبَث والمذهب
ليس يُحتاج في ترك هذين - أعني العبث والولع - والإضراب عنهما إلا إلى