منه فقد ينبغي للعاقل أن يقدِّم ذلك قبل الحال التي لا يأمن معها عاقبةً رديئةً. وذلك أنه إن لم يفعل ذلك خَسِرَ ولم يربح. أما خُسرانه فتعريض النفس للألم والسقم، وأما أنه لم يربح فلأن مَضَض انقطاع لذة المتطعم عنه قائمٌ على حال، فمتى انحرف عن هذا أو مال إلى ضدّه فليعلم أنه قد ترك عقله لهواه. وأيضاً فإن للشَرَه والنهم ضراوةً واستكلاباً شديداً، ومتى أُهمل وأُمرج قَوِيَ ذلك منه وعَسُرَ نزوع النفس عنه. ومتى رُدع وقُمع وَهَن ودَبُل وضعف على الأيام حتى يُفقد البتّة. قافل الشاعر
وعادة الجُوع فأعلم عِصمَةٌ وغنىً ... وقد تَزيدُك جوعاً عادةُ الشِبَع
[الفصل الرابع عشر]
في السُكر
إن إدمان السُكر ومواترته أحد العوارض الرديئة المؤدية بصاحبها إلى المهالك والبلايا والأسقام الجمّة. وذلك أن المُفرط في السُكر مُشرفٌ في وقته على السكتة والاختناق وعلى امتلاء بطن القلب الجالب للموت فجأةً وعلى انفجار الشرايين التي في الدماغ وعلى التردِّي والسقوط في الأغوار والآبار، ومِن بعدُ فعلى الحُميَّات الحارة والأورام الدموية والصفراوية في الأحشاء والأعضاء الرئيسية وعلى الرعشة والفالج لا سيما إن كان ضعيف العصب. هذا إلى سائر ملا يجلب على صاحبه من فقد العقل وهتك الستر وإظهار السر والقعود به