من الطبيعة دلالة واحدة. وشئ آخر وهو أن النبات لا يفارق بطبعه عندهم الموضع الذي نشأ فيه حتى يقطعه قاطع أو يقلعه قالع، والجنين ليس كذلك لأنه يفارق موضعه من غير مزعج أزعجه. ووجه آخر وهو أن النبات منذ يكون إلى أن يفسد لا بد له من مكان متصل به وكائن فيه ومستقى منه ولا يجوز أن يكون كاملا قائما إلا كما وصفنا، والحيوان أجمعه يكون تام الصورة كامل المعنى وإن فارق الرحم التي كان فيها. وأكثر النبات إذا قطعت رؤوسه نمى وكمل ومنه ما تقطع أغصانه وأطرافه فينفعه ذلك ولا يضر به، وليس كذلك الإنسان. فإن كان نباتا لأنه فيه حالا تشبه النبات فمحال أن يكون غيره لأن فيه خلالا كثيرة لا تشبه النبات فأما ما حكاه جالينوس عن أنباذ قلس من أن أجزاء الإنسان منقسمة في مني الذكر والأنثى فلا فصل بين هذا القول وبين من قال إن أجزاء الولد من أحدهما أو منهما منبثة في رحم المرأة وإن مني الرجل يجمعها وإنها منقسمة في الأغذية أو الهواء، وهذه كلها دعاوى لا برهان عليها. وأما من زعم أنه يخرج من أعضاء الإنسان أجزاء لطيفة فيها من جنس كل عضو من أعضاء بدن الإنسان فيقال لهم لو كان هذا على ما يزعم هؤلاء لوجب أن يكون ولد الأعمى أعمى وولد الأعور أعور وولد المقطوع اليد لا يد له وليس الأمر كذلك
واستدل من زعم أن لا نهاية لأجسام العالم من أقطاره بأن قالوا إنا لم نشاهد جسما إلا وبعده ذراع من أي ناحية قصدنا إليه. فيقال لهم أخبرونا عن السودان الذين ينشأون في بلادهم هل يجب عليهم أن يقضوا أن لا إنسان إلا أسود؟ فإن قالوا