وقد سألهم اسطوطالس في المقالة الأولى من كتابه في السماءفي ذلك فقال: ليس يخلو عناصر هذا العالم من أن تكون موافقة لتلك العناصر في المعنى أو في الاسم فتلك النار ليست بمحرقة وكذلك سائر العناصر ليست كهذه، وإنما علق هذا القائل أسماء العناصر على غيرها. وغن كانت في المعنى وكانت نار هذا العالم تذهب عن مركزه فلو توهمنا عالما فوق هذا العالم لكانت النار تذهب إلى مركزه، وهذا خطأ وهو داخل في القسم الأول. فإن قالوا أن كل عالم يذهب عن مركزه يفسد، قيل لهم إن النيران ليس تختلف حركاتها لاختلاف أماكنها فالنار التي في المشرق تذهب عن المركز والنار التي في المغرب أيضا تذهب عنه. ويقال لهم إذا جاز أن يكون في نار هذا العالم مذهب عن مركزه فقد اختلف حكمها، فما ينكر قائل هذا القول من أن تكون نار هذا العالم محرقة ونار ذلك العالم ليست محرقة؟ فأما ما حكاه عن سالوقس فإنه احتج لقوله في أن هذا العالم لا نهاية له بأن قال: إذا تناهى العالم فهل يتناهى إلى شئ أو لا إلى شئ؟ فإن كان إلى شئ فهذا قولي، وإن كان لا إلى شئ فيجوز أن يطابق لا شيئا ويماس لا شيئا كما تناهي لا إلى شئ. فيقال له ما تنكر أن يكون التناهي إنما يكون للشيء نهاية حالة فيه وليس يحتاج إلى غيره؟ والمماسة تقتضي مماسين كما أن المشاركة تقتضي مشاركين قالوا ولو أن واقفا وقف في آخر حد من حدود العالم هل كان يرى شيئا أم لا يرى شيئا؟ فإن كان يرى شيئا فهو قولي، وإن كان لا يرى شيئا