وأمروهم بها - على ثبات الإقبال والدولة فضلا عما يقع من غير ذلك من جلائل الأشياء وعظائمها كنكبات الأعداء وبوار المضادين والمخالفين والمنازعين ومن إمارات الإقبال والدولة ما يحدث من أخلاق النفس الموافقة للرياسة المُعينة المُقوِّية عليها بعلوّ الهمّة والنبل والجود وقلة مهابة الأكفاء وفضل الرأي وإجادته، فإن مثل هذه الأمور لا تحدث في الإنسان إلا وهو يُراد للمرتبة التي يرتقى إليها بهذه الأخلاق ونحوها، فأعلمه ومن إمارات ذلك أيضا عشق الرياسة وفرط محبته لها حتى إنه لا يرى عيشا إلا بها ولا يهم أمرا سواها. فإن ذلك يدل على أنه مهيأ لها. لأن الطبيعة لا تفعل شيئا باطلاً بتّةً ولا تترك قوة عطلاً. ولم يكن يتمكن في نفس هذا المعنى هذا التمكُّنَ ويقوم فيها هذا المقام إلا وهي نفس مهيأة للرياسة لا غير. ولولا ذلك لكانت هذه القوى فيها فضلًا وباطلًا، وذلك ما لا يكون ومن إمارات ذلك أيضا ما يحدث له من الحِلم والتُؤَدَة في الأمور التي فيها لبسٌ وشبهة، لأنّ ذلك يدل على أنه محروس من ركوب الخطايا والوقوع في الزلل وأنه مجريٌ به إلى إدراك حقائق الأمور ومن إمارات ذلك أيضا فضل صدق ودقة حس النفس والإدراك والتخمين على ما كان له قبل، فإن ذلك يدل على مسدَّد موفَّق بقوة إلهية تجري به إلى أن يكون فاضلا ورئيساً سائساً لشدّة حاجة الرئيس والسائس إلى فضل وعلم واستغناء المسوسين عن ذلك لانتساب أمرهم إلى السائس واكتفائهم بسياسته ومن إمارات ذلك أيضا الميلُ إلى موافقة الخلطاء والأصحاب والأعوان