كان من هذا العارض عن الهوى فقط، وهو الذي إذا سئل صاحبه عن السبب والعلة في إمساكه لم يجد في ذلك حجةً بينةً مقبولةً تُنبئ عن عُذر واضح. لكن يكون جوابه ملزقاً مرقعاً ملجلجاً مثبجاً. وقد سألت مرةً رجلاً من الممسكين عن السبب الداعي له إلى ذلك، فأجابني بأجوبة من نحو ما ذكرت. وجعلت أبِّين له فسادها وأنه ليس مما اعتل به شيءٌ يوجب مقدار ما كان عليه من الإمساك. وذلك أني لم أسُمه أن يجود من ماله بما يبين عليه فضلاً عما يُجحف به أو يحطه عن مرتبته في غناه، فكان آخرُ جوابه أن قال هكذا أُحِبُّ وكذا اشتهى. فأعلمته حينئذٍ أنه قد حاد عن حكم العقل إلى الهوى، إذ كان ما يعتل به ليس بقادح في الحالة العاجلة التي هو عليها ولا في الحزم والوثيقة والنظر في العاقبة. فهذا المقدار من هذا العارض هو الذي ينبغي أن يُصلح ولا يُقارَّ