قال، وتذكّر في بعض منتزهاته حظيّة، فهزّه الشوق إليها فكتب على جناح طائر تحية:
وحمّلتُ ذات الطوق مني تحيةً ... تكون على أفق المرية مِجْمَرا
قرأت في تاريخ الأندلس الذي صنّفه بعض أهل العصر، وهو محمد بن أيوب بن غالب الأنصاري للملك الناصر بمصر في سنة ثمان وستين وخمسمائة يذكر أن أبا يحيى محمد بن معن بن محمد بن صمادح لمّا حوصر بالمرية، وحاصره جيش أمير المسلمين كان مريضاً، واشتدت حاله، فسمع يوماً صيحة ففتح عينيه وقال: نُغّصَ علينا حتى الموت، ومات في إثر ذلك عند طلوع الشمس من يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال أبو يحيى بن صمادح:
مؤلّف من خلاف قلبه حجر ... وجسمه نعمة تدميه أنفاسي
وكلّما أتمنّى قربه جعلت ... مطامعي فيه تهوي بي الى ياسي
وقال أيضاً:
يا من بجسمي لبعده سقم ... ما فيه غير الدنوّ يبريني
بين جفوني والنوم معترك ... تصغر عنه حروب صِفّين
إن كان صرف الزمان أبعدني ... عنك فطيف الخيال يدنيني
وقال:
بأبي من زارني وهنا وقد ... طبّق الأفق دجاه فأنارا
وعلى يمناه كأس أنبتت ... من سناها فوق يسراه احمرارا