حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي السَّمَاءِ اسْتَقْبَلَهُ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ ⦗٤١⦘ وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا رَأَى نَاشِئًا مِنْ أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ عَمَلَهُ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَأَقْبَلَ يَدْعُو قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ. فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ {وَطْئًا} بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَقْصُورَةٌ. وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو عَمْرٍو يَقْرَؤُهَا (وِطَاءً) مَكْسُورَةَ الْوَاوِ وَمَمْدُودَةَ الطَّاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ يُصَدِّقُهَا. فَإِنَّمَا هِيَ مُوَاطَأَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِيَّاهُ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مَنْ قَرَأَهَا {وَطْئًا} أَرَادَ شِدَّةَ الْوَطْءِ أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَشَدُّ وَأَثْقَلُ عَلَى الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمِ اشْتَدَّتْ عَلَى الْقَوْمِ وَطْأَةُ سُلْطَانِهِمْ إِذَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ مَا يُلْزِمُهُمْ وَيَأْخُذُهُمْ بِهِ. فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الثَّوَابَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْوَطْأَةِ وَثِقَلِهَا. وَمَنْ قَرَأَ (وِطَاءً) فَهُوَ مَصْدَرٌ لِوَاطَأْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا وَكَذَا مُوَاطَأَةً وَوِطَاءً {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ٦] أَيْ أَخْلُصُ لِلْقَوْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ تَهْدَأُ عَنْهُ الْأَصْوَاتُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْحَرَكَاتِ فَيُخْلَصُ الْقَوْلُ وَلَا يَكُونُ دُونَ تَسْمَعُهُ وَتَفْهَمُهُ حَائِلٌ قَوْلُهُ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: ٧]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النَّوْمُ وَالْفَرَاغُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ: فَرَاغًا طَوِيلًا وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨] قَالَ: أَخْلِصْ لَهُ الْمَسْأَلَةَ وَالدُّعَاءَ وَقَالَ مَرَّةً: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا، وَعَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلُهُ. وَعَنْ قَتَادَةَ: أَخْلِصْ لَهُ الدَّعْوَةَ وَالْعِبَادَةَ قَوْلُهُ: وَ {آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: ١١٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آنَاءَ اللَّيْلِ: جَوْفُ اللَّيْلِ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: ٩] قَالَ: سَاعَاتُ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا. قَالَ: يُرِيحُ رَأْسَهُ بِقَدَمِهِ وَقَدَمَيْهِ بِرَأْسِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: {آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: ١١٣]. قَالَ: مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، عَنْ قَتَادَةَ: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: ١١٣]. يَقُولُ: قَائِمَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ وَحُدُودِهِ ⦗٤٢⦘ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] قَالَ: لَا يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَمَةُ مُحَمَّدٍ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ. قَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُصَلِّيهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣]. قَالَ: أُمَّةٌ عَادِلَةٌ وَعَنْ مَنْصُورٍ {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: ١١٣] قَالَ: سَمِعْنَا مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute