بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمُصْحَفِ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ «لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ» وَمَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ بِقَوْمٍ يَؤُمُّهُمْ رَجُلٌ فِي مُصْحَفٍ فِي رَمَضَانَ عَلَى مِشْجَبٍ فَرَمَى بِهِ " وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ فِي الْمُصْحَفِ وَهُوَ يُصَلِّي " وَقَالَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ: «يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ , يُكْرَهُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ» وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ» وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا: «صَلَاتُهُ تَامَّةٌ , وَيُكْرَهُ هَذَا الصَّنِيعُ لَأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ , إِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ لَأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَرِهُوا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ , فَأَمَّا إِفْسَادُ صَلَاتِهِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ نَعْلَمُهُ لَأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ هِيَ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَنَظَرُهُ فِي الْمُصْحَفِ كَنَظَرِهِ إِلَى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْظُرُ إِلَيْهَا فِي صَلَاتِهِ , ثُمَّ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ فَشَبَّهَ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِالرَّجُلِ يَعْتَرِضُ فِي كُتُبِ حِسَابِهِ أَوْ كُتُبًا وَرَدَتْ عَلَيْهِ , فَيَقْرَأُهَا فِي صَلَاتِهِ , وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ فِيمَا زَعَمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَعِيدَةُ الشَّبَهِ مِنْ قِرَاءَةِ كُتُبِ الْحِسَابِ وَالْكُتُبِ الْوَارِدَةِ لَأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ قِرَاءَةُ كُتُبِ الْحِسَابِ مِنْ عَمِلِ الصَّلَاةِ فِي شَيْءٍ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَرَجُلٍ عَمِلَ فِي صَلَاتِهِ عَمَلًا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ , فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ خَفِيفًا يُشْبِهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صَلَاتِهِ مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ يُقَارِبُ ذَلِكَ جَازَتِ الصَّلَاةُ وَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute