للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَكَانَ اللَّهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يُحْدِثَ مِنْهُ شَيْئًا أَحْدَثَهُ» قَالَ رَجُلٌ لِيَزِيدَ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ جُمْلَةً , جُمْلَةً؟ قَالَ: " نَعَمْ جُمْلَةً فِيهِ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ عَلَى رَغِمِ أَنْفِ الْقَدَرِيَّةِ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَسَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ: إِنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِيَ الشَّكُّ: قَوْلُ اللَّهِ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] وَقَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] وَقَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: ٣] , وَقَدْ أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ وَشَوَّالَ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةٍ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرَيْ رَبِيعٍ , فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً , ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ رِسْلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ " وَفِي رِوَايَةٍ: " نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَنَجَّمَتْهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِشْرِينَ سَنَةً , وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: ٧٥] يَعْنِي نُجُومَ الْقُرْآنِ {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: ٧٦] , قَالَ: فَلَمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةً قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: ٣٢] قَالَ اللَّهُ: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: ٣٢] , يَقُولُ رَسَّلْنَاهُ تَرْسِيلًا , يَقُولُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣] , يَقُولُ: لَوْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ سَأَلُوكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ مَا تُجِيبَ , وَلَكِنَّا نُمْسِكُ عَلَيْكَ فَإِذَا سَأَلُوكَ أَجَبتَ , قَالَ: فَفِي الْقُرْآنِ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ جُمْلَةً قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ , وَفِيهِ: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ} [الفتح: ١١] , وَفِيهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: ٨٣] , وَفِيهِ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ , وَأَشْبَاهُ هَذَا , يَعْنِي: {قَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: ١] أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ خَوْلَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَأَبُو لَهَبٍ وَنَحْوَ هَذَا , وَهَذَا فِي الْقَدَرِ وَلَوْ أَنَّ خَوْلَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَرَادَتْ أَنْ لَا تُجَادِلَ لَمْ يَكُنْ لَأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهَا "

<<  <   >  >>