أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ أَرْضًا لِلْعَبَّاسِ لِيُعَدِّلَ الْمَسْجِدَ، فَأَبَى الْعَبَّاسُ، وَقَالَ: أَرْضِي وَمُلْكِي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: الأَرْضُ أَرْضُ اللَّهِ، وَالْمَسْجِدُ مَسْجِدُ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: تَرْضَى بِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ يَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَسَارَا إِلَى أُبَيٍّ، فَدَقَّا عَلَيْهِ الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَأَى عُمَرَ، قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ حَتَّى آتِيَكَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْحَاكِمَ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَلا يَأْتِي إِلَى أَحَدٍ، وَإِنِّي وَالْعَبَّاسُ تَشَاجَرْنَا فِي أَمْرٍ، وَحَكَّمْنَاكَ فِيهِ، فَادْخُلْ إِلَى دَارِكَ، فَدَخَلَ وَدَخَلا، فَخَرَجَ بِوِسَادَةٍ فَأَلْقَاهَا إِلَى عُمَرَ، فَنَبَذَهَا عُمَرُ بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: هَذَا أَوَّلُ جَوْرِكَ، أُقْعُدْ أَنْتَ عَلَيْهَا، فَقَعَدَ أُبَيٌّ عَلَيْهَا، وَتَكَلَّمَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُدْخِلَ أَرْضًا فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ هَذَا: إِنَّهَا لَهُ، وَإِنَّ الأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ، وَالْمَسْجِدَ مَسْجِدُ اللَّهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: الأَرْضُ أَرْضِي وَالدَّارُ دَارِي.
فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ النَّبِيِّ: أَنِ ابْنِ لِي بَيْتًا فِي الأَرْضِ، فَقَالَ دَاوُدُ: يَا رَبِّ وَأَيُّ بَيْتٍ يَسَعُكَ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:. . . . . . . . . . . . . . . . . . وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَبْنِيَ لِي بَيْتًا فَأُقَدِّسُهُ، وَأُشَرِّفُهُ، وَأُعَظِّمُهُ، وَأُذْكَرُ فِيهِ، وَأَجِدُ مَنْ يَأْتِيهِ فَيُعَظِّمَنِي فِيهِ، وَيَذْكُرَنِي.
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ. . . . . . . . . . . . . . لَقَدْ قَدَّسْتُهُ، وَشَرَّفْتُهُ، وَكَرَّمْتُهُ، فَارْفَعْ يَدَكَ مِنْهُ، فَبَكَى دَاوُدُ، وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «إِنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ مَنْ يُتِمُّهُ» ، فَلَمَّا أَنْ أَعْطَى اللَّهُ سُلَيْمَانَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ مُلْكِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَمَرَهُ بِبِنَائِهِ، قَالَ: فَلَمَّا أَخَذَ فِي بِنَائِهِ، فَإِذَا بَيْتٌ لِعَجُوزٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا يَعْتَدِلُ الْمَسْجِدُ إِلا بِهِ، فَأَعْطَاهَا فِيهِ سُلَيْمَانُ عَطَاءً، فَلَمْ تَرْضَ، فَأَمْسَكَ سُلَيْمَانُ عَنِ الْبِنَاءِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute