للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالزَّجْرِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ لِي: حَقَنَ اللَّهُ دَمَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ فَضْلٌ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً، فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ، لَوْ حَمَلْتُمُونِي عَلَى الأَسِنَّةِ مَا أَهْرَقْتُ لِي مِحْجَمَةَ دَمٍ، لأَنَّ دَعْوَةَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ بَرَّدَتْ عَلَى قَلْبِي، قَالَ أَبِي: فَمَاتَ سَوِيًّا عَلَى فِرَاشِهِ لَمْ يُجْرَحْ جُرْحًا حَتَّى مَاتَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ الْجَزَرِيُّ، فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ كِسَرَ شَعِيرٍ يَابِسَةً وَزَيْتًا مُرًّا، فَلَمَّا أَكَلَ مِنْهُ قَالَ لِي: هَذَا طَعَامُكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا طَعَامُكَ مَا كَانَ نُزُولِي إِلا عَلَيْكَ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ رَبَاحٍ أَقْبَلَ مِنَ الْجَزِيرَةِ إِلَى الْمُنَسْتِيرِ، فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ الْمُنَسْتِيرِيُّ: مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ إِلَى هَهُنَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ قَابِسَ، أَوْ أَهْلَ صَفَاقِسَ فِي ضِيقٍ مِنْ مَعِيشَتِهِمْ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ مَعَهُمْ يُصِيبُنِي مَا أَصَابَهُمْ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ قَالَ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ فِي طُفُولَتِهِ يَحْضُرُ الْمَكْتَبَ، فَإِذَا حَفِظَ مَا فِي لَوْحِهِ غَسَلَ مَا فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَاءِ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ شَرِبَهُ، فَكَانَ هَذَا دَأْبُهُ حَتَّى خَتَمَهُ.

أَبُو عُثْمَانَ حَاتِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعَافِرِيُّ وَأَخُوهُ أَبُو طَالِبٍ

كَانَا تَقِيَّيْنِ لَهُمَا سَمَاعٌ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، وَمِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَأَحْسَبُ أَنَّ رِحْلَتَهُمَا كَانَتْ مَعَ ابْنِ غَانِمٍ الْقَاضِي، رَوَى عَنْهُمَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ وَغَيْرُهُ.

<<  <   >  >>