للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَرْوَانُ بْنُ أَبِي شَحْمَةَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَمِمَّنْ هُوَ فِي مِثْلِ سِنِّ سُحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ، مَرْوَانُ بْنُ أَبِي شَحْمَةَ، وَهُوَ مَوْلَى آلِ عَامِرِ بْنِ نَافِعٍ، كَانَ ثِقَةً، شَيْخًا، صَالِحًا.

سَمِعَ مِنْ: وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَمِنْ غَيْرِهِمَا، وَكَانَ فَاضِلا.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: لَقَدْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُهُ، أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ الطُّوبَ فَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَيُنْفِقُ ثُلُثًا عَلَى عِيَالِهِ، وَيَرُدُّ ثُلُثًا فِي الطِّينِ وَالتِّبْنِ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ عَمَلُ الطُّوبِ.

قَالَ لِي ابْنُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَرِيرٌ يَرْقُدُ عَلَيْهِ، إِنَّمَا كَانَ قَدْ نَصَبَ طُوبًا فَعَلَيْهِ يَنَامُ فِي بَيْتِهِ.

وَكَانَ سُحْنُونٌ يَعْرِفُ لَهُ فَضْلَهُ.

وَكَانَ يُرْمَى بِشَيْءٍ مِنَ التَّشْبِيهِ، وَكَانَ بَعِيدًا مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ لِسُحْنُونٍ: إِنَّ مَرْوَانَ يَرَى التَّشْبِيهَ، فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِ سُحْنُونٌ، فَقَالَ: مَرْوَانُ لا يَقُولُ إِلا مَا رَوَى.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: قَالَ لِي شَيْخٌ: رَأَيْتُهُ تَهَجَّرَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَيْهِ تَأْزِيرُ صُوفٍ مُرْتَدِي بِكِسَاءٍ آخَرَ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَكَانَ قِيلَ لِلأَمِيرِ يَوْمَئِذٍ، وَأَحْسَبُهُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الأَغْلَبِ: إِنَّهُ مُشَبِّهٌ، فَوَجَّهَ فِي طَلَبِهِ، فَوَافَى قَبْلَ دُخُولِهِ خَصِيًّا بِيَدِهِ عُودٌ أَوْ طُنْبُورٌ، فَأَخَذَهُ مَرْوَانُ مِنْهُ بِنَزْعٍ عَنِيفٍ، فَكَسَرَهُ، فَدَخَلَ الْخَصِيُّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الأَغْلَبِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ شَيْخًا بِالْبَابِ قَدْ كَسَرَ مِنْ يَدِي كَذَا وَكَذَا، وَخَرَقَ الْخَصِيُّ ثِيَابَهُ لِعَظِيمِ نَازِلَتِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ مَرْوَانُ عَلَى الأَمِيرِ عَاتَبَهُ الأَمِيرُ فِيمَا صَنَعَ، فَقَالَ لَهُ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] حَتَّى خَتَمَهَا،

<<  <   >  >>