للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَيْهَا، وَتَوَجَّهَ مَعَ السَّاحِلِيِّ حَتَّى أَتَى ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، فَبَلَغَ صَاحِبَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ رَبَاحٍ أَتَى إِلَى مَنْزِلِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ: مَا الَّذِي جَاءَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِهِمْ؟ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: هَذَا السَّاحِلِيُّ وَوَلَدُهُ وَأَهْلُهُ وَدِيعَتِي عِنْدَكَ، ثُمَّ وَلَّى مُنْصَرِفًا.

قَالَ: مَرَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ عَلَى دَارِ أَبِي مُحْرِزٍ الْقَاضِي، فَإِذَا عَلَى الْقَنَاةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ يَدَيْ دَارِهِ قِرْطَاسٌ فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، قَدْ هَمَّ أَنْ يَغْرِقَ فِي الْحَمَأَةِ، فَخَافَ إِسْمَاعِيلُ إِنْ حَاوَلَ إِخْرَاجَهُ بِقَصَبَةٍ أَنْ يُغْرِقَهُ فَيَتَلَطَّخَ ذَلِكَ الْقِرْطَاسُ بِالنَّجَاسَةِ، فَأَلْقَى كِسَاءَهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَرَمَى بِنَفْسِهِ فِي الْقَنَاةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلا مِئْزَرُهُ، قَالَ: فَسَاخَ فِيهَا إِلَى الْوَرِكِ وَأَخَذَ الْقِرْطَاسَ بِيَدِهِ، وَجَعَلَ يَتَخَلَّلُ فِي الْقَنَاةِ يَلْتَمِسُ مَوْضِعًا يَسْهُلُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْخُرُوجُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَخَرَجَ وَقَدِ اجْتَمَعَ الرِّجَالُ، وَالصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ.

فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ تِلْكَ الْقَنَاةِ حَمَلَ كِسَاءَهُ بِيَدِهِ، وَقَدِ اسْوَدَّ بِذَلِكَ الْقَذَرِ مِئْزَرُهُ وَجَسَدُهُ، ثُمَّ مَضَى قِدْمًا نَحْوَ بَابِ أَبِي الرَّبِيعِ وَالنَّاسُ حَوَالَيْهِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَانْتَهَى إِلَى وَادِي الْقَنْطَرَةِ، فَغَسَلَ مِئْزَرَهُ وَجَسَدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ تَمِيمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ فَضْلِ بْنِ أَبِي الْعَنْبَرِ، أَنَّهُ كَانَ وَالِيًا عَلَى الْجَزِيرَةِ، قَالَ: قَدِمْتُ بِزَوَامِلِي، وَأَعْوَانِي، فَنَزَلُوا بَعْضَ حُصُونِ الْجَزِيرَةِ الَّتِي عَلَى الْبَحْرِ، فَأَخَذُوا الثُّقْلَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْحِصْنِ، وَأَدْخَلُوا كِلابًا وَطُيُورًا، كَانَتْ مَعَهُمْ، قَالَ فَضْلٌ: فَجِئْتُ، فَلَمَّا رَآنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ، جَاءَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا هَذَا، أَمَا تَرَى مَا صَنَعَ أَعْوَانُكَ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ؟ فَصِحْتُ عَلَيْهِمْ وَأَخْرَجْتُهُمْ

<<  <   >  >>