للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ، مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، بَقِيَ الْعِلْمُ فِي صَدْرِهِ لا يَنْتَشِرُ عَنْهُ وَلا يُعْرَفُ ".

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَإِنَّمَا وَجَدْنَا عَنْهُ كِتَابَيْنِ فَقَطْ، حَدَّثَنِي بِهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ.

وَفُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي بِهِمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ الْيَحْصِبِيِّ، عَنْهُ.

وَرَوَاهُمَا عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَانِمٍ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ انْتَشَرَ عَنْهُ الْعِلْمُ غَيْرَ كِتَابَيْنِ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُوسَى بْنِ حَسَنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدِّمٍ، قَالَ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَخِي، وَهُوَ عَلَى الْمَظَالِمِ، وَكَانَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، فَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: «يَابْنَ أَنْعُمٍ، أَلا تَحْمَدُ رَبَّكَ الَّذيِ أَرَاحَكَ مِمَّا كُنْتَ تَرَى بِبَابِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَذَوِي هِشَامٍ؟» ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدِّمٍ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «مَا أَمْرٌ كُنْتُ أَرَاهُ بِبَابِ هِشَامٍ إِلا أَنِّي أَرَى الْيَوْمَ مِنْهُ طَرَفًا بِالْقَيْرَوَانِ» ، فَبَكَى لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْفَعَ ذَلِكَ إِلَيْنَا، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَكَ عِنْدَنَا مَقْبُولٌ؟ "، فَقَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ السُّلْطَانَ سُوقًا، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ إِلَى كُلِّ سُوقٍ مَا يَجُوزُ فِيهَا» ، قَالَ: فَبَكَى لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «كَأَنَّكَ كَرِهْتَ صُحْبَتَنَا» ، فَقَالَ: «مَا يُدْرَكُ الْمَالُ وَالشَّرَفُ إِلا فِي صُحْبَتِكَ، وَمَنْ هُوَ مِثْلُكَ، وَإِنِّي تَرَكْتُ عَجُوزًا، وَإِنِّي أُحِبُّ مُطَالَعَتَهَا» ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَقَدْ أَذَنَّاكَ» ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، وَحَدَّثُوا أَنَّهُ لَمَّا غَلَبَتِ الْبَرْبَرُ عَلَى الْقَيْرَوَانِ، وَفَدَ إِلَى الْخَلِيفَةِ رِجَالٌ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَكُنْتُ أَنَا فِيهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا صِرْتُ إِلَيْهِ قَالَ لِي: «كَيْفَ رَأَيْتَ مَا وَرَاءَ بَابِنَا» فَقُلْتُ لَهُ: رَأَيْتُ ظُلْمًا فَاشِيًا وَأَمْرًا قَبِيحًا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: «لَعَلَّهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ بَابِي» ، فَقُلْتُ: بَلْ كُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْ بَابِكَ اسْتَفْحَلَ الأَمْرُ وَغَلَبَ.

فَقَالَ لِي: «إِنَّكَ لا تَهْوَى

<<  <   >  >>