بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَذَا، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ لابْنِ فَرُّوخَ، وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ يُقَالُ فِيهِ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَذَكَرَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ، أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنَ فَرُّوخَ لِيُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ، فَلَمَّا جَاءَهُ، قَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فَرُّوخَ: نَعَمْ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى رَوْحٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فَرُّوخَ: أَرَى ذَلِكَ مَعَ ثَلاثِ مِائَةِ رَجُلٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ، كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ رَوْحٌ: قَدْ أَمَّنَّاكَ أَنْ تَخْرُجَ عَلَيْنَا أَبَدًا، ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَأَبَى، فَأَمَرَ بِهِ فَأُقْعِدَ فِي الْجَامِعِ، وَأَمَرَ بِالْخُصُومِ فَأُجْلِسُوا حَوْلَهُ، فَجَعَلَ الْخُصُومُ يُكَلِّمُونَهُ وَهُوَ يَبْكِي، وَيَقُولُ لَهُمُ: ارْحَمُونِي يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَوْحًا فَعَافَاهُ وَخَلَّى عَنْهُ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَدْ ذَكَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ نَحْوَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ فِي ابْنِ فَرُّوخَ، وَكَانَ ابْنُ فَرُّوخَ قَدْ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ الْعَكِّيِّ، وَكَانَ الْعَكِّيُّ رَجُلَ سُوءٍ وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ، فَوَعَدَ ابْنُ فَرُّوخَ أَصْحَابَهُ، أَنْ يُوَافُوهَ لِلْخُرُوجِ بِبَابِ تُونُسَ، وَذَهَبَ ابْنُ فَرُّوخَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَاعَدَهُمْ فِيهِ فَتَخَلَّفُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ يُوَافِهِ إِلا مُحَمَّدُ بْنُ يَسُوتَا، وَأَبُو مُحْرِزٍ الْقَاضِي، فَرَجَعَ وَلَمْ يَخْرُجْ.
وَلَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْمَعَافِرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ بِمَسَائِلَ مِنْ عِنْدِ ابْنِ غَانِمٍ أَقْضِيهِ، فَقَالَ لِي: «مَا قَالَ فِيهَا الْمُصَفِّرُ» ، يَعْنِي: الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ؟ وَمَا قَالَ فِيهَا الْفَارِسِيُّ، يَعْنِي: ابْنَ فَرُّوخَ؟ قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ الأَجْوِبَةَ، وَكَتَبَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: " وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ إِذَا أُقِيمَتْ حُدُودُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute