للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبْنَاءُ دُنْيَا، فَقَالَ لَهُ رَبَاحٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: يَا أَبَا يَزِيدَ، هَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَبَاحٌ: أُرْدُدْ عَلَى هَذَا الأَنْدَلُسِيِّ جَارِيَتَهُ، فَصَاحَ سَعِيدٌ بِجَارِيَةِ الأَنْدَلُسِيِّ، فَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ فَقَبَضَهَا صَاحِبُهَا.

وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ: دَخَلَ سَعِيدُ بْنُ لَبِيدٍ، عَلَى رَبَاحِ بْنِ يَزِيدَ، وَعِنْدَ رَبَاحٍ عُوَّادُهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَسَلَّمَ سَعِيدٌ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَبَاحٌ، فَأَقْبَلَ سَعِيدٌ عَلَى الْعُوَّادِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَبِي يَزِيدَ لا يُكَلِّمُنَا، فَقَالُوا: هُوَ نَائِمٌ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ رَبَاحٌ، فَقَالَ: «أَتَكْذِبُونَ عَلَيَّ، وَأَنَا أَسْمَعُكُمْ؟» فَقَامَ سَعِيدٌ مُغْضِبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ، وَقَدْ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ، وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: مَا مَرَّ عَلَيَّ قَطُّ مِثْلُ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ عَلَى رَبَاحٍ، فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: هَبْنِي عَادَيْتُ لَكَ أَهْلَ الأَرْضِ، أَفَأُعَادِي لَكَ أَهْلَ السَّمَاءِ؟ تَعَالَ حَتَّى أُرِيَكَ كَيْفَ يُعَادُ مِثْلُ رَبَاحٍ، فَرَكِبَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ مَعَ سَعِيدٍ فَدَخَلا عَلَى رَبَاحٍ، فَسَلَّمَ يَزِيدُ عَلَى رَبَاحٍ، فَلَمْ يَرُدَّ رَبَاحٌ، فَأَقْبَلَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ، عَلَى عُوَّادِ رَبَاحٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا يَزِيدَ رَجُلٌ عَلِيلٌ، وَالْعَلِيلُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْكَلامُ، وَإِذَا أَجَبْتُمُونَا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُجِيبُ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ مَبِيتِهِ كَيْفَ كَانَ، وَكَيْفَ حَالُهُ، ثُمَّ نَهَضَ، ثُمَّ جَعَلَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَلا يَرُدُّ عَلَيْهِ رَبَاحٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ يَزِيدُ عَلَى الْعُوَّادِ الَّذِينَ بِحَضْرَتِهِ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا يَزِيدَ عَلِيلٌ، وَالْعَلِيلُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْكَلامُ، وَإِذَا أَجَبْتُمُونَا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُجِيبُ، ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ عَنْ مَبِيتِهِ، وَعَنْ حَالِهِ، فَكَانَ هَذَا دَأْبُهُ مَعَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى تُوُفِّيَ رَبَاحٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ.

وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ الْحَدَّادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَائِخِنَا مِمَّنْ حَمَلَ الْعِلْمَ،

<<  <   >  >>