للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّصْرَانِيِّ، وَبِقَوْلِ النَّصْرَانِيِّ، فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ: قَدْ قَضَيْتَ حَاجَةً فَأَقْضِ لِي أُخْرَى، رُدَّ عَلَيَّ دِينَارَيَّ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: وَلِمَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] ، فَخَشِيتُ أَنْ آكُلَ مِنْ زَيْتِ النَّصْرَانِيِّ، فَتَحْدُثَ لَهُ مَوَدَّةٌ فِي قَلْبِي، فَأَكُونَ مِمَّنْ وَادَّ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، عَلَى عَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَسِيرٍ.

وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ غُزَيْلِ سَرِيَّةِ الْبُهْلُولِ، قَالَتْ: أَقَمْتُ مَعَ الْبُهْلُولِ ثَلاثِينَ سَنَةً فَمَا رَأَيْتُهُ نَزَعَ ثَوْبَهُ عَنْ جَسَدِهِ قَطُّ، وَلا رَأَيْتُهُ مُصَلِّيًا نَافِلَةً قَطُّ، كَانَ يَأْتِي إِلَيَّ فَيُرْقِدُنِي كَمَا تُرْقِدُ الأُمُّ ابْنَهَا ثُمَّ يَدْخُلُ الْمُسْتَرَاحَ فَيَتَهَيَّأَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى غُرْفَتِهِ فَيُغْلِقُهَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ رُبَّمَا أَسْمَعُ سَقْطَتَهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَأَظُنُّ أَنَّهُ اسْتَثْقَلَ نَوْمًا فَسَقَطَ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ بَنِي كَامِلٍ، عَنْ [. . . . . . . . . .] فَاضِلا، وَهُوَ مِنْ بَنِي كَامِلٍ، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ بُهْلُولٍ، جَنَازَةً فَأُغْلِقَ بَابُ أَبِي الرَّبِيعِ دُونَنَا، فَقَرَعْنَا، فَقَالَ الْبَوَّابُ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَقُلْنَا: بُهْلُولٌ وَأَصْحَابُهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: بُهْلُولٌ، بُهْلُولٌ الْكَذِرُ، يَعْنِي: الْقَذِرَ , وَرَدَّدَهَا.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّاءَ الْحَفَرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ بُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ يَتَفَلَّى، إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَتَانِ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا لِلأُخْرَى: أَتُرِيدِينَ أَنْ أُرِيَكِ بُهْلُولا؟ فَقَالَتْ لَهَا صَاحِبَتُهَا: نَعَمْ، قَالَتْ لَهَا: هَذَا الَّذِي يَتَفَلَّى، فَقَالَتْ لَهَا: تَسْمَعُ بِالْمُعِيدِيِّ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ.

قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ بُهْلُولٌ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا زَكَرِيَّاءَ، أَتُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ مَنْ عَرَفَنِي.

هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَرَفَتْنِي.

<<  <   >  >>