للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ خَرَجَ فِي الْبَحْرِ حَاجًّا، وَأَنَّ مَرْكِبَهُمْ غَرِقَتْ فَتَقَلَّدَ إِسْمَاعِيلُ مُصْحَفَهُ، ثُمَّ غَرِقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ رَبِيعَةُ الْجَزَرِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي الْجَزِيرَةِ عَلَى طَعَامٍ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا يَهُودِيٌّ، فَدَعَوْنَاهُ فَجَلَسَ يَأْكُلُ إِلَى أَنْ أَقْبَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ، فَرَفَعْنَا الْيَهُودِيَّ فِي غُرْفَةٍ، فَلَمَّا دَخَلَ إِسْمَاعِيلُ دَعَوْنَاهُ إِلَى طَعَامِنَا، فَمَدَّ يَدَهُ لِيَأْكُلَ ثُمَّ قَبَضَهَا، فَقَالَ: طَعَامُكُمْ نَجِسٌ، أَوْ أَكَلَ مِنْهُ نَجِسٌ، فَقُلْنَا لَهُ: يَهُودِيٌّ طَوَّافٌ دَعَوْنَاهُ فَأَكَلَ مَعَنَا، فَقَالَ: أَمَا تَسْتَحْيُونَ، تَأْكُلُونَ مَعَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ؟ فَنَزَلَ الْيَهُودُيُّ مِنَ الْغُرْفَةِ وَهُوَ يُرْعِدُ.

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ سُحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ يَسْمَعُ عِنْدِي فِي الْمَسْجِدِ، فَنَظَرَ إِلَى خَيَّاطٍ يَخِيطُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لِي: أَيَسَعُ هَذَا مَا يَفْعَلُ؟ فَقُلْتُ: لا، فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ أَدَاتَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْمَسْجِدِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أَخِيطُ، وَأَنَا غُلامٌ حَدِيثُ السِّنِّ مَعَ شَبَابٍ عِنْدَ مُعَلِّمِنَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَعْرُوفِ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِمَسْجِدِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، إِذْ أَقْبَلَ إِلَيْنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ الْجَزَرِيُّ، فَقَالَ لِمُعَلِّمِنَا: يَا شَيْخُ، بِكَمْ أَكْرَيْتَ هَذَا الْحَانُوتَ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمُنَا: لَيْسَ هُوَ حَانُوتًا إِنَّمَا هُوَ مَسْجِدٌ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: فَالْمَسَاجِدُ لَمْ تُبْنَ لِلصَّنَّاعِينَ إِنَّمَا بُنِيَتْ لِلْمُصَلِّينَ، فَنَهَرَهَ مُعَلِّمُنَا، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا إِسْمَاعِيلُ، فَقَالَ: يَا شَبَابُ، اقْبَلُوا مِنِّي أَنْتُمْ إِذْ لَمْ يَقْبَلْ مِنِّي

<<  <   >  >>